السياسة الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الفيروز [/COLOR][/ALIGN]

تحاول الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس باراك أوباما العمل على فتح قنوات اتصال جديدة مع ايران وسورية بعد مرور أعوام من الانغلاق السياسي، واعتبارهما من «دول الشر» سابقاً في عهد الرئيس السابق جورج بوش، ومن خلال هذه القنوات أعطى أوباما تعليماته الى فريقه الانتقالي لإحداث تقارب مع الخصمين السابقين للولايات المتحدة بعيداً عن الأضواء، وكان ذلك مع شخصيات سياسية رفيعة المستوى من الجانبين، بيد أن هناك مصادر ديبلوماسية تؤكد على ان هذه التوجيهات الرئاسية تعتبر خطوة نحو تفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط، وحل قضايا مرتبطة بالخليج العربي، فالرئيس الأميركي أوباما سبق وأن وجه رسالة معبرة الى الأمين العام لـ «منظمة المؤتمر الاسلامي» أكمل الدين أوغلي عبر من خلالها عن ثقته في قدرة الولايات المتحدة و«منظمة المؤتمر الاسلامي» على العمل المشترك بروح السلام والصداقة لبناء عالم أكثر أمناً في الأعوام المقبلة، وهذا انعكس ايجاباً على جميع الدول العربية والاسلامية، ففي الوقت الحالي يبقى الانفتاح الذي يطمح اليه الرئيس أوباما محدوداً حيال طهران ودمشق بالأخص طالما لم نجد أي بوادر سريعة حول هذه الخطوات رغم اعلانه بأنه مستعد لأن يمد يده لايران في حال اعتمدت طهران موقفاً ايجابياً فيه أكثر ليونة، بعيداً عن الخلاف المبني بينهما حول ملفها النووي، واتهامها في حمايتها للإرهابيين، فالإدارة الأميركية الحالية تريد انهاء مسألة القطيعة الديبلوماسية التي دامت أكثر من 30 عاماً بين واشنطن وطهران، أما بالنسبة لسورية، فقد أرسلت الولايات المتحدة وفداً من الكونغرس الأميركي مهمته التحاور مع سورية، وايجاد سبل تقوية العلاقات بين البلدين بعيداً عن فكرة الاتهامات السابقة المبنية على دعمها للمنظمات الإرهابية مثل «حزب الله»، و«حماس»، وبزعزعة استقرار لبنان، والسماح لعناصر مسلحة بالمرور عبر أراضيها لمحاربة قوات التحالف في العراق، وهي اتهامات قد تدخل الولايات المتحدة في نفق مظلم بعيداً عن الاستراتيجية المطلوبة في المنطقة، هذا وقد أعرب الرئيس السوري بشار الأسد عن تأييده لحوار ايجابي وبناء مع الولايات المتحدة اثناء حضور الوفد الأميركي، مشيداً بأهمية الحوار على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، كما أن الوفد الأميركي بدوره، أكد على أهمية الدور السوري في منطقة الشرق الأوسط، معبرين عن تطلع الادارة الأميركية الجديدة الى تطوير العلاقات السورية – الأميركية بما يخدم الاستقرار في المنطقة، ومن ايجابيات هذا الدور نرى اختفاء حدة الصحافة السورية تجاه الإدارة الأميركية الجديدة من حيث المنهجية الجديدة، فهناك ترحيب كبير وارتياح تام لغالبية دول المنطقة لسياسة فريق الرئيس أوباما الانتقالي، في حين رحبت دول عربية واسلامية بتصريحات نائب الرئيس الأميركي جو بيدن في خطابه الأخير أمام «مؤتمر ميونيخ للأمن»، والذي أكد فيه على تفضيل الديبلوماسية على القوة العسكرية في التعامل مع العالم بوجود المشكلات الكبيرة التي تواجهه، كما أن خطابه يشكل طريقاً للتعاون الدولي المشترك، وهو ما يؤكد بشفافية التعامل التي بدأتها ادارة أوباما الجديدة على فتح أبواب التعاون واسعاً، أمام وجه جديد للسياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، بعيداً عن التفرد في صنع القرار وممارسة الازدواجية بالتعامل مع قضايا العالم، الا انها في الوقت نفسه، عليها ألا تستثني اسرائيل من هذا النهج الجديد. وفي أول مؤتمر صحافي عقده الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض كرّر أمله وتطلعه الى اجراء حوار مباشر مع ايران في الأشهر القليلة المقبلة، مشيراً الى ان فريقه الأمني يراجع السياسة الحالية تجاه ايران ويدرس على ضوئها المجالات التي يمكن بها إطلاق حوار بناء ومباشر مع طهران، ولكن بالرغم من تلك الجهود والتحركات الا ان الرئيس أوباما غير مطمئن من الحكومة الايرانية، فهي كما يقول لها تصرفات غير نافعة وغير مشجعة لتعزيز دور السلام والازدهار في المنطقة والعالم، وقد ابدى من خلال المؤتمر الصحافي قلقه من سياسة طهران في المنطقة، الى جانب رفضها القاطع الرضوخ الى مطالب الأمم المتحدة، والتي تتمثل في وقف برنامج تخصيب اليورانيوم، الا ان هذا لا يعني الدعوة نحو الاستسلام، فإدارته الجديدة ستطوع كل الوسائل المتاحة لمواجهة تلك المخاوف، وستتطلع الى اي انفتاح ايجابي في العلاقات حتى يتمكن الطرفان من مباشرة حوار ديبلوماسي وجهاً لوجه، ناهيك عن تعيين زعيم الأغلبية «الديموقراطية» السابق في مجلس الشيوخ وهو جورج ميتشل مبعوثاً خاصاً للشرق الأوسط، والتي تشكل خطوة ايجابية مشجعة للتغيير في المنطقة، وقد نوه الرئيس أوباما الى رغبته بأن ترسل ايران بعض المؤشرات التي تفيد بالتحرك بشكل مختلف، فالوقت أصبح لها ملائماً جدّاً… وفي المقابل قابل الرئيس الايراني أحمدي نجاد دعوة الرئيس الأميركي الجديد بإيجابية طيبة من خلال خطابه الرئاسي بمناسبة الذكرى الثلاثين لانتصار الثورة الاسلامية، حيث أعلن أن ايران مستعدة للحوار مع الولايات المتحدة بسياستها الجديدة ولكن في اطار المساواة والاحترام المتبادل، والتخلي عن سياسة العصا والجزرة!
موجهاً تحذيره للولايات المتحدة بالقول: «ان العالم لا يرغب في أن تتكرر المرحلة السوداء للرئيس السابق جورج بوش»، وقال اذا حاول البعض تكرار تجربته، وان كان ذلك بأساليب جديدة، فعليه أن يدرك أن مصيره سيكون أسوء من مصير بوش، وهي بالتأكيد لغة شديدة اللهجة قد تعود نجاد عليها منذ توليه الرئاسة، كما ابدى فخره بالانجازات العلمية والتكنولوجية الايرانية خصوصاً في المجال النووي والمجال الصناعي، وكذلك بيّن للعالم أن ايران أصبحت من القوى العظمى الآن… ويذكر أن ايران كانت أكثر تعاوناً عند التدقيق على برنامج عملها النووي في السابق، ولكنها كفت عن التعاون عندما رفعت بشأنها شكوى أمام مجلس الأمن الدولي عام 2005، الأمر الذي فرض سلسلة من العقوبات الغليظة على طهران على مدى أعوام، وبالتالي نجد ان ايران كقوى ضاربة في الخليج وعلى مستوى المنطقة تحتاج الى توفير أجواء ثقة بينها وبين الولايات المتحدة حتى تستقر الأمور، وهذا ما أكده الرئيس نجاد في خطابه الأخير، حيث أكد الحاجة الى أن يكون التغيير الأميركي جوهرياً، وليس تكتيكيّاً، وفي سياق السياسة الأميركية الجديدة أشاد مدير عام «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» محمد البرادعي بإرادة الرئيس الأميركي باراك أوباما للتحاور مع ايران على طاولة واحدة، داعياً الطرفين الى حوار مباشر لاستعادة الثقة بين البلدين، وقال: «يجب أن يكون ذلك منذ وقت طويل، فلن تكون هناك ثقة بلا حوار مباشر بين الطرفين».
ففي الخلاصة نستطيع القول ان أمام الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما شوطاً طويلاً لتحقيق آماله وطموحاته نحو الانفتاح الديبلوماسي الجديد الذي بالتأكيد سيسمح له بدفع عملية السلام في المنطقة، خصوصاً بتعامله الراقي مع سورية وايران، ولكن يبقى السؤال هنا: هل يستطيع زعيم الأغلبية «الديموقراطية» السابق جورج ميتشل الذي عين مبعوثاً للسلام أن يحقق تقدماً في العلاقات السورية – الأميركية وفي العلاقات الايرانية – الأميركية في المنطقة؟ ولكل حادث حديث.
الرأي الكويتية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *