السياحة والخوف على النجاح

• عبد الناصر الكرت

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الناصر الكرت [/COLOR][/ALIGN]

السياحة في مفهومها العام الانتقال من مكان إلى آخر بحثا عن الراحة والاستمتاع , وزيادة المعرفة بالمكان والسكان , أو لأغراض دينية أو صحية أو تعليمية أو ثقافية وغيرها . وهي قديمة بقدم التاريخ وأولها السياحة الدينية التي بدأت منذ أن رفع أبونا إبراهيم القواعد من البيت وأذّن في الناس بالحج استجابة لأمر الرب عزّ وجلّ . فكان الناس ينتقلون من مكان إلى آخر بحثا عن خصائص لا يجدونها في مواقعهم التي يعيشون فيها , وزاد الاهتمام في العصر الحديث بالسياحة مما حدا ببعض الدول لاستثمارها كمصدر أساسي للدخل القومي , فهي تشغّل قطاعات عديدة وتفيد شرائح عريضة وتعتبر من أفضل الموارد الاقتصادية التي تتيح فرص عمل أكثر , يشترك في ناتجها الكثيرون .ولعل الاهتمام الكبير من حكومتنا بقطاع السياحة يؤكد أهمية هذا الجانب رغم إنه جاء متأخرا , لكنه يعطي بعدا لقيمة هذا المورد الحيوي الهام .
والسياحة في الواقع ليست طارئة على بلادنا فقد عرفتها منذ القدم . بل أخذت تنظيما جيدا في الآونة الأخيرة بعد إحداث الهيئة العامة للسياحة والآثار التي تسير بخطوات علمية موزونة حرصا على تنمية هذا القطاع وتشكيله بشكل مدروس .. لإفادة الجميع . حيث كان التوجه لتشجيع السياحة الداخلية بهدف استقطاب جزء من المليارات التي يصرفها السياح السعوديون في الخارج وحماية بعضهم مما كانوا يتعرضون له من مشكلات . وقد نجحت إلى حد كبير في هذا التوجه النبيل والمقصد السليم بتحريك عجلة السياحة الداخلية النقية وهي في الغالب سياحة الأسرة في هذه الدولة القارة التي تفترش مساحة ما يقارب ثلثي قارة أوربا , بتضاريسها المنوعة وأقاليمها المختلفة وأجوائها المتباينة وثرائها المتنوع وتراثها التاريخي العريق . ونلاحظ التنافس الشريف بين المناطق.
وإلى جانب هذه الميزة التي لا توجد في بلد آخر في العالم نجد المناطق الاصطيافية الرائعة والمشاتي الدافئة , فعندنا الشواطئ الجميلة والسهول البديعة والصحاري المدهشة والجبال الشامخة , تشكل بانوراما مبهرة لكافة الأغراض السياحية .
ولأن السياحة صناعة فإن من الواجب زيادة العناية بها وتوعية المجتمع بأهميتها , وضرورة الاستفادة من تجارب الدول – التي سبقتنا في هذا المجال – والتي يفد إليها عشرات الملايين من السياح على مدار العام . والعمل الجاد على تهيئة الأرضية المناسبة التي تشكل منطلقات النجاح لهذه الصناعة – التي ليس لها دخان – من خلال إقامة العديد من المشروعات السياحية المتكاملة في المناطق السياحية والتي من شأنها تغطية الوقت وطرد الملل وتحقيق الفائدة والإمتاع باستهداف كل الأفراد ( الصغار والكبار الرجال والنساء ) والعمل أيضا على دعم وتشجيع المستثمرين بتقديم التسهيلات المطلوبة التي تخدم هذا الغرض طالما سينعكس بتحقيق المكاسب الكبيرة للمجتمع بتوفير العديد من الوظائف وتحريك السيولة بشكل فاعل يفيد أغلب الشرائح .
ولأن النجاح أي نجاح قد تؤثر عليه بعض النتوءات مهما صغرت فيظل من الأهمية التنبّه لها مبكرا , وفي مقدمتها انتقائية العاملين في هذا الجهاز بصورة مدروسة وإلحاقهم بدورات مكثفة لتعريفهم بالدور والواجب والمسؤوليات وكذلك الأهداف العليا التي يعملون من أجلها لأن هناك قلة قليلة من العاملين في بعض المناطق لا يفهمون معنى السياحة ولا أبعادها وغايتها وهذا من واقع ملاحظات الكثيرين من المتعاملين مع جهاز السياحة مما قد يشكل عوائق تحتاج إلى معالجة حتى لا تسري نتائجها السلبية إلى مفاصل العمل السياحي فتسبب له حالة كساح لا تمكنه من النهوض والتقدم إلى الأمام .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *