[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالحميد سعيد الدرهلي[/COLOR][/ALIGN]

\”أنا واخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب\” هذه العبارة يعرفها عامة الناس، وها هي اصبحت تلقى رواجا كبيرا واصبحت جزءا من تراثنا المتوارث جيلا بعد جيل، ولا يدرك كنه هذه العبارة وسيئاتها إلا القليلون. لكن للدقة والامانة يجب ان نقول هذه العبارة لتصبح: \”انا على اخي، انا واخي الاقرب على اخي الابعد\” لتصبح العبارة دقيقة التعبير لتتماشى مع واقعنا الاثيم الذي يمر به الانسان هذه الايام.
نرجع للنسخة الاصلية من العبارة فنرى بأنه لا يعقل ان يكون لها اصول دينية، ولا ادري من اين اتت هذه العبارة، ولم ابحث عن مصدرها حيث انه لا يهمني ذلك بقدر ما يهمني تفسير هذه العبارة والممارسات الناتجة عنها.
هذه العبارة التي يستعين بها الناس عن تغيير مواقفهم او مواقعهم بشكل مفاجئ دون مبرر عقلاني من اقصى اليمين الى اقصى اليسار او بالعكس، او من معسكر الى معسكر، اصبحت هذه العبارة ملاذاً يريحينا من نظرة العاتبين وملاحقة الغاضبين.
هذه العبارة التي تضفي الشرعية على سلوكيات بعيدة كل البعد عن عاداتنا وتقاليدنا وغالبا ما تنتشر هذه العبارة في مواسم الانتخابات لتحرك الجانب التعصبي وتغذيه في ضمائر الناخبين، وأوجه سؤالي الى اتباع ومروجي هذه المقولة، فاقول: \”على فرض انه وقع خلاف بين احدهم \”هذا الغريب المسكين\” وبين مجموعة ما، فذهب صاحبنا ليحتكم لدى كبير قوم تلك المجموعة، فهل سيقف ذلك الحكم مع الحق لينصف الغريب كما كان يفعل اجدادنا؟ ام انه سيقف مع ابن العم على خلفية المقولة المشهورة الآنفة الذكر؟.
لم نصل بعد ذلك لمرحلة التحريف والتزييف لنستغل المواعظ الدينية لما فيه مصلحتنا الشخصية. فعبارة \”الاقربون اولى بالمعروف\” اصبحت ايضا من العبارات التي نرتكز عليها عند التمييز في العطاء. صحيح ان الاقربين اولى بالمعروف عندما يكون المال التي نتصدق به من ما لنا الخاص. اما اذا كان ذلك المال من المال العام، فيصبح جميع مستحقي الدعم بنفس الدرجة من القرابة، وتصبح مدى الحاجة هي المرجع الوحيد للتمييز فيما بينهم.
اصبحنا نبحث دائما عما يبرر سلوكياتنا المتناقضة ونتشبث بالمعايير المزدوجة التي تعيننا وتسهل علينا عملية التنقل من موقع لآخر دون تأنيب لضمير أو محاسبة لوجدان.واصبحنا نهرب ونلجأ الى الامثال الدخيلة التي تقدم لنا الغطاء المناسب لعيوبنا وسيئات أعمالنا فأين نحن ذاهبون؟.
فاكس: 6658393 /02

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *