السجن عقوبة إصلاح أم إفساد؟

• د. منصور الحسيني

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR][/ALIGN]

قد لا يكون الموضوع جديداً، لكنه من الأمور التي يجب أن نتصدى لها صبحاً وعشية إلى أن ينجلي أثرها السلبي أو المدمر على المجتمع، و إذا كان المجتمع ليس من أولوياتي فمن يضمن لي ولك أن لا يخطئي أحد من أحبابنا ويضطر لدخول ما يسمونه إصلاحية، دار رعاية أو السجن العام في حين أن اختلاف المسميات لا يغير في المضمون شيئا عندما نعرف الواقع المؤلم الضار.
حدد لنا الشارع الحكيم عقوبة القتل، السرقة، الزنا وقذف المحصنات في حال اتهام الإنسان بالزنى دون بينة الأربعة شهود و محاربة الله ورسوله والسعي بالفساد في الأرض، وترك لنا ما تبقى من أخطاء البشر المتعمدة وغير المتعمدة ليحكم بها من ولاه الله الملك في الأرض بين الناس، وكانت عقوبة السجن هي الشاملة لما لم يصدر له عقوبة من خالق الناس وأول من نفذها نبي الله يوسف من قبل الحاكم البشر.
أعتقد أن العبرة من عقوبة السجن مرجعها تربوي بحيث يحرم السجين من متع الحياة ليقضي وقتاً يراجع فيه نفسه باللوم على ما فعل و محاسبتها لما تسببت فيه من حبس للشهوات ومتاع الحياة الدنيا الذي سخره خالق الإنسان له، وبحرمانه منه سوف يمثل له عقابا لابد أن يفضي إلى صلاح في غالبية البشر إذا ما تم تنفيذه بالطريقة التي ترضي واضع المنهج الحكيم سبحانه وكل من له قلب يتفكر به من البشر ويعرف جودة تدبيره بالنتائج التي تجنيها طريقته في تطبيق عقوبة السجن، إذا ما كان الهدف منه إصلاح السجين وليس إفساده ليخرج بعدها للمجتمع ويفسد مجموعة آخرى ويستمر الحال في الإزدياد بطريقة النمو البكتيري الذي يتضاعف حجمه مع استمرار مسببات النمو.
كيف يكون السجن مكان إصلاح إذا ما افتقر إلى كل وسائل الإصلاح وتفشت فيه كل عوامل الإفساد؟
من وسائل الإصلاح: السجان الواعي، المكان الملائم، توفر الجو الصحي، إشغال الوقت بما هو مفيد، منهج الزيارات الذي يبقي التواصل مع المجتمع الخارجي، توعية البيئة عن عقوبة السجن، مساعدة السجين على التأقلم مع المجتمع بعد العقوبة…..الخ.
من عوامل الفساد: عدم توفر ما سبق إضافة إلى: عدم الفصل التام في أنواع العقوبات، الخلط بين الأعمار السنية، الخلط بين المخطئ و المتمرس، المعاملة السيئة والاحتقار في كل شيء، الكبت العاطفي والنفسي دون توفير أدوات تفريغ الشحنات الداخلية، انعدام التحفيز للأحداث والعمل الجاد على تغييرهم…..الخ.
كلنا خلاية في جسد المجتمع نحن ومن يدخلون السجون بمختلف مسمياتها، فإذا ما أهملنا الاهتمام بالخلايا التي بسبب أنهم أخطأوا أو أذنبوا ندمرهم وكأننا نسمم خلايا في جسد آخر غير جسدنا، فماذا نظن بالنتائج؟
أتمنى أن يراجع المسؤول سواء من خارج السجن أو داخله، أهل السجين، أصدقاؤه وباقي المجتمع كل التدابير للرقي بمفهوم السجن التربوي حتى لا نسمم جسد مجتمعنا بعواطفنا وسوء اهتمامنا بأمر مهم.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *