الساعة البيولوجية للمدن

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

هل نعلم بما يكفي عن الساعة البيولوجية للمدينة التي نعيش فيها؟ خطر على بالي هذا السؤال وانا أشاهد عن كثب مجموعة مشتركة من التصرفات يقوم بها سكان مدينة صنعاء خلال شهر رمضان.
الساعة البيولوجية أساسا مصطلح يتم اطلاقه على الجزء الآلي الذي تقوم عليه سلوكيات الانسان بسبب نظام الحياة الذي اعتاده من ناحية، وبسبب الظروف البيئية المحيطة به من ناحية أخرى. فالجزء الآلي مثلا هو ذلك الذي يجعل الانسان يصحو قبل أن يدق جرس المنبه. والجزء البيئي هو الذي يجعله يتحمل البرودة الشديدة لأنه يعيش في بيئة باردة ولا يحتمل الحرارة، أو يحتمل الحر إذا كان من المناطق الحارة.
وأنا شخصيا كنت خلال دراسة الدكتوره في فرنسا اواجه صعوبة شديدة في باريس خلال الأشهر التي تمطر بشكل دائم ولا أرى فيها الشمس. ذلك ان القادمين من مدن الشمس مثلي لا يحتملون مدن الضباب الا عام أو عامين وإلا سيطر حال من الاكتئاب والرغبة العارمة في العودة الى مستقر البدايات وعادات الجسم المكتسبة.
ومثلما يقال عن الانسان يقال عن المدن. فالساعة البيولوجية لأي مدينة تتمثل بسلوكيات سكانها وعاداتهم من جهة، وتتمثل في الطبيعة المحيطة بالمدينة من حيث الحرارة والبرودة والارتفاع والمطر والجفاف والضؤ والظلام ..الخ.
ساعة صنعاء البيولوجية:
إذا مررت بصنعاء في شهر رمضان، تجدها في الصباح الباكر وحتى التاسعة والنصف نائمة نوما عميقا. الحركة نادرة من الناس او السيارات. ثم يبدأ تقاطر فئات منهم إما الى وظائفهم اذا كانوا من صغار الموظفين أو الى محلاتهم وشركاتهم اذا كانوا من القطاع الخاص.
وبالكاد ترى معلمين أو طلاب يتجهون الى مدارس او معاهد صيفية لأن هذا الشهر هذا العام يصادف جزء كبير منه الإجازة الصيفية للمدارس. ولعلك تلاحظ عدد قليل لا يكاد يذكر من النساء ضمن الحركة العامة التي تبدأ من التاسعة والنصف صباحا، حتى موعد الإفطار.
وإذا تتبعنا ساعات النهار فإن الزحام للمارة والسيارات هو في الساعة الأخيرة قبل الفطار، حينها الناس في عجلة من أمرهم لايبالي أحد بأحد، لا السيارت والباصات وغيرها من وسائل المواصلات مع بعضها البعض ولا مع المارة.
ستجد الاسواق ذات المواد الغذائية ممتلئة بالباعة والمشترين للحظات الأخيرة، ثم تصبح المساجد مكتضة بالمصلين أكثر من أي وقت في العام. ولأن صنعاء هذه الأيام ممطرة بكثافة ، فالجو يميل الى البرودة والشوارع مبتلة والشمس قليلة الظهور لكنها تطل مرة أو مرتين خلال اليوم فلا تحمل الناس على الشعور بغيابها، ولا الشعور بالعطش.
أما المساء فالمدينة مليئة بالنساء والأطفال، والأضواء مشعة رغم انطفاءات الكهرباء الحكومية لأن الكل صار يعتمد على مولدات خاصة. تفاصيل كثيرة تجعل لكل مدينة نبض خاص لعلكم أيضا ترصدونه.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *