الراكة القرية التي خرجت من قلب الصحراء ، لتكون أرقى أحياء مدينة الظهران ، ومنها بزغ فجر جديد للعديد من شباب الوطن ، لأكثر من ثمانية عقود زمنية مضت ، كانت كفيلة أن تقدم لنا جيل الإدارة التكنوقراطية ، بمعطيات الطموح والنبوغ ومواجهة تحديات المرحلة ، كما هي بدايات من ابتسم له الحظ من أبناء الرعيل الأول ، ومن هؤلاء معالي المهندس علي بن إبراهيم النعيمي وزير البترول السابق، ابن قرية الراكة متحديًا زحف رمال الصحراء ، ليكتب اسمه بحباتها الذهبية ، ماسحًا ما علق منها على جبينه وعينيه ، متناولا جرعة من الماء يروي بها عطشه ، حين مُنع منه ذات ظهيرة ممن قال له أن ذلك الماء ، مخصص لكبار المهندسين من منسوبي الشركة.

ومنذ تلك اللحظة الفاصلة في حياته بدأ يفكر بجدية ونقاء ابن الصحراء ، رافعًا رأسه نحو الأفق البعيد برؤية مستقبلية لوطنه في صناعة النفط ، ومن الجميل أن يقدم مجتمع قرية الراكة نماذج من أمثال المهندس النعيمي ، كقائد بكفاءة عالية وثقة كبيرة ، عندما التحق بهذا المجال وعمره إثناعشر عامًا بأجر يومي لا يتجاوز الثلاثة ريالات ، متدرجًا في العمل الوظيفي بأكبر شركات إنتاج البترول ” آرامكو السعودية” ، مواصلا دراساته الأكاديمية لدرجة البكالوريوس من كبرى الجامعات الأمريكية “جامعة لاهاي” ، ومن ثم حصوله على الماجستير في الهندسة الجيولوجية من جامعة ستانفورد ، مختتمًا جهوده الرائعة بشهادة الدكتوراه الفخرية.

وجدير بالمهندس النعيمي أن يفخر بعائلته البدوية البسيطة ، ويبادله مجتمع الراكة الفخر في أبرز قصص النجاح ، التي أزاحت عن قريته الراكة كثبان الصحراء لتتحول لأرقى الأحياء ، في مدينة الظهران جناحنا الشرقي الجميل ، هذا العمل المتواصل والكفاح المستميت الأجمل في حياة المهندس النعيمي ، جعل منه قدوة لغيره في صناعة النفط ، مؤكدًا أن خدمته لوطنه أبان تسلمه وزارة البترول وما قبلها هي أكبر شهادة يعتز بها ، وأن أخلاقيات العمل لازالت سمة وعلامة الجودة لشركة “آرامكو السعودية” ، وبصمة نجاح عالمية نحافظ ونفخر بها في مجتمعنا السعودي.

ومباركة من قائد مسيرة العزيمة والنماء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله ، ولعل المهندس النعيمي والذي بطبعه لا يحب الأضواء وفلاشات الصحافة ، قد وفق في مشواره الممزوج برائحة الوطن ، عند تدشينه لمذكراته في نسختها الأولى باللغة الإنجليزية عن طريق وكالة ” بلومبيرغ ” ، ناشر المذكرات في لندن يوم الجمعة الماضي ، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين في المملكة المتحدة وجمهورية ايرلندا ، وعدد من النخب الثقافية والسياسية والاقتصادية وخبراء صناعة أسواق النفط ، وسط ترحيب الصحافة المحلية والعربية والعالمية.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *