الرقابة الذاتية في التنمية العربية الشاملة

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]سيف السحباني[/COLOR][/ALIGN]

الضمائر الحية دائماً ما كانت منبعاً للرقابة الذاتية بل إنها العمل السحري الوحيد الذي عن طريقة نستطيع أن نقفز مئات الخطوات إلى الأمام على طريق التنمية العربية الشاملة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وهي كذلك الفعل ذو التأثير الأكبر في تسريع برامج التنمية وانتشال المجتمعات العربية من واقعها المزري المتخلف وإلحاقها بالركب الحضاري العالمي ، الذي يسارع الخطى نحو ارتياد الآفاق البعيدة في التنمية والتقدم ونحن فاغرون أفواهنا من هول مايحقق الآخرون من منجزات تنموية وتكنولوجية بشقيها المدني والعسكري دون أن يكون لنا نصيب ولو ضئيل فيها غير تلك الأسطوانة المشروخة التي يرددها هواة التقوقع والعجز والتي تقول لنا إن عباس بن فرناس هو أول من اخترع الطيران وابن سيناء مكتشف الدورة الدموية .. الخ الاسطوانة، وكأن ذلك يشفع لنا هذا التقوقع والجمود ، وعودة إلى الموضوع الرئيس استطيع القول إن الرقابة الذاتية على أقوالنا وأفعالنا لابد لها أن تتجذر حتى تصير مكوناً رئيسياً من مكونات نسيجنا الثقافي والاجتماعي ، حيث لابد أن نبدأ بتلقينها لأطفالنا منذ نعومة أظفارهم وحتى يدخلوا معترك العلم والحياة العملية مستندين إلى ارثنا وتراثنا الديني والتاريخي العظيم المتمثل بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة حيث نجد فيهما الكثير والكثير من التعاليم التي تحث على ضرورة أن يلتزم الإنسان بالرقابة الذاتية على نفسه قبل أن يراقبه الآخرون ، وليتصور أحدنا لو أن هذه الرقابة كانت راسخة ونابعة من إيمان لايلين بأهميتها وضرورتها على الفرد والمجتمع هل كنا سنجد مجرماً يعتدي على الأنفس والأموال بغير وجه حق ؟ وهل كنا سنجد إرهابياً واحداً لو كان ضميره حيا يقتل ويسفك الدماء لبشر آمنين مطمئنين في مساكنهم ومقرات أعمالهم أو يلجأ لإخافة السبيل ؟ وهل كنا كذلك سنجد فاسداً واحداً يسرق المال العام أو الخاص ويجيّره لصالحة وصالح أحبته من الأهل والأصدقاء والمعارف متقمصاً دور حاتم الطائي زوراً وبهتاناً دون أن يكون يشبه حاتماً في شيء؟ ، هل كنا سنجد خائناً من خونة الأهل والأحبة والأوطان ممن يبيعون أنفسهم و أوطانهم بثمن بخس ؟.
وبناء على كل ذلك استطيع القول إن غياب الوعي بأهمية الرقابة الذاتية على كل المستويات الرسمية والشعبية في الوطن العربي قد أدى إلى مانحن عليه اليوم من ضعف وهوان على الناس ، وحتى نستطيع الخروج من هذا المأزق التاريخي المخيف لابد من تكثيف الجرعات الدينية والثقافية المتعددة وحقنها في الجسد العربي المتعب نفسياً وعضوياً والتي نستطيع عبرها أن نغير المفاهيم الخاطئة عن النجاح في الحياة ، فالغرب ليس أفضل منا في شيء ولا يتميز الإنسان الغربي بدنياً وعقلياً علينا وإنما تعود نجاحاته التي حققها إلى التزام الفرد والمجتمع ككل بالتحريم القاطع للخروج على الدساتير وعدم الاعتراف بنتائج هذا الخروج مهما كان الأمر والمسببات والمبررات إلى جانب الالتزام التام بالأنظمة والقوانين وتطبيقهما تطبيقاً صارماً على الجميع دون استثناء لأحد ،عوضاً عن الالتزام الصارم من قبل الأفراد بالرقابة الذاتية على أفعالهم وأقوالهم إلى حد كبير طبعاً دون اعتبار للشواذ والأفاقين منهم ، إنما الأغلبية تجدهم يساعدون الأنظمة والحكومات على الوفاء بتعهداتها تجاه المجتمع ككل وهذا للأسف مانفتقده في مجتمعاتنا العربية حيث نجد أن لكل منا مشاريع وأفكاراً ورؤى يريد أن يفرضها على الآخرين دون تبصر أو روية ، وهو مايقابله الآخرون بالرفض وإن حصل موافقة ما فلا تخرج عن تبادل منافع شخصية ، فتكون النتيجة أن تحتدم الصراعات المتعددة الأشكال والألوان في استدعاء تاريخي مقيت لصراعات أجدادنا في أزمنة البسوس وداحس والغبراء وهو مايؤدي في نهاية المطاف إلى بقائنا متربعين وبلا فخر في ذيل القائمة وبعيدين ألف سنة ضوئية عن اللحاق بركب الحضارة الإنسانية التي تعيشها كثيراً من شعوب العالم المتعددة اللغات والأديان والقوميات.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *