لنفترض أن هناك شركة تبغ وهذه الشركة تريد الاستثمار في بلد معين وهذا البلد لديه سياسة ضد التدخين والمدخنين ولكنه مع ذلك سمح لهذه الشركة بالدخول وأجاز لها التوزيع والبيع وهيأ لها كل ظروف النجاح وتبعاً لذلك وكما هو متوقع ارتفعت نسبة المصابين بسرطان الرئة وبالتالي الوفيات. برأيكم ماذا نسمي هذا البلد؟
لنأخذ مثالاً أبسط.. شخص يعي أن بالبحر منطقة تكثر بها القروش ولكنه يقرر أن يسبح فيها.. ماذا نسميه؟
كلُ من شركة التبغ والقروش موجدان بطبيعة الحال ولكن الهلاك الذي تسببا به لم يكن ليقع لولا سمحا له!
ومثل هذا وذاك نحن العرب انتحاريون بطبيعتنا نفكر عكس مصالحنا ونعمل عكس فطرتنا ومن ثم نلقي اللوم على من هم عكس ملتنا لأن في ذلك وببساطة راحة لضمائرنا المعكوسة!
انشق العرب بين محتفلين بالربيع العربي وبين محتقرين له إيمانا منهم بأنه جزء مدروس من خارطة الطريق ومفتعل بأيدي خارجية مغرضة وآخرون بين هؤلاء وهؤلاء اطلقوا فرحة عواطفهم وألجموا مخاوف عقولهم لبعد حين. مخاوفهم تستند إلى أن بلدان العرب لعبة بيد المستهدفين المستفيدين _تحديداً أمريكا واسرائيل وإيران_ وان هؤلاء هم وراء تأليب الشعوب العربية على حكوماتها ووراء كل فتنة داخلية من أكبرها وحتى أصغرها متمثلة في الحروب الأهلية وحتى العنصرية الطائفية. وهذه نظرية سياسية معتبرة ولكن كما ذكرت هي أسهل الطرق وأقرب المخارج لدينا نحن العرب لكي نجد كبش فداء نلقي اللوم عليه في كل ما فشلنا في تحقيقه سواء من استقرار أو سلام أو تنمية وانتهاءً بالربيع! فعندما يطغى الحكام ويعيثون في أرضهم فسادا وينامون عن أماناتهم لدرجة وعيهم بغضب شعوبهم فلا يكادون يظهرون علناً إلا وهم في ما يشبه القوقعة محاطين بجيش مجيش من الحراس ومع ذلك يغضون البصر عن الإصلاح ويظلون في طغيانهم يعمهون ومن ثم تسأم شعوبهم من الانتظار وتفقد الأمل وتنقلب.. حينها نقول هذا فعل أيد خارجية!
لنفترض أنهم يشاهدون الدمار العربي ويصفقون، من الذي سمح لهم بالدخول لمسارحنا؟ أجيب: بأن بعض العرب من أعطاهم كرت الدعوة! ألم نوفرلهم بأفعالنا المشينة أفضل الظروف لمشاهدة ممتعة؟ تماماً كما نالت شركة التبغ ونالت القروش نصيبها من كروت الدعوة. وعلى ما يبدو _وربما كان ذلك لخلل في توزيع الكروت على البلدان الانتحارية_ تبقى فائض من هذه الكروت مع الرئيس المصري مرسي وها هو أخذ على عاتقه توزيعها من جديد ليتسنى لهم مشاهدة انتحار الربيع العربي!
@tamadoralyami

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *