[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]طلال محمد نور عطار[/COLOR][/ALIGN]

تعرفت على الرئيس لانسانا كونتي، رئيس جمهورية غينيا عن كثب ابان عملي كرئيس لبعثة (سفارة) خادم الحرمين الشريفين في كوناكري لمدة تزيد عن ثلاثة اعوام، وكانت علاقاتي الشخصية معه علاقة ودية طوال فترة عملي هناك حتى انه – يرحمه الله – ابدى ارتياحه العميق في تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين لا سيما وان اغلب المشاريع الضخمة التي مولتها حكومة خادم الحرمين الشريفين عبر الصندوق السعودي للتنمية افتتحت اثناء فترة عملي، وكان التلفزيون الغيني يحرص على نقلها أولاً باول، وكذلك وكالة الانباء السعودية.
ومما لا يزال في خاطري، ويحضرني الآن من العلاقات الودية التي كانت تربطني بفخامته اعجابه الشديد بحضوري الاسبوعي في كل يوم جمعة في مسجد الملك فيصل في العاصمة في كوناكري لاداء صلاة الجمعة اذ كان التلفزيون الغيني ينقل لقطات بعد نشر الاخبار المسائية.
وفي اثناء افتتاح الطريق الضخم الذي يخترق اكثر من اربعمائة مدينة وقرية تم تمويله بالكامل عبر الصندوق السعودي للتنمية اصرّ فخامته ان ارافقه في الطائرة الرئاسية الخاصة في صباح ذلك اليوم في حفل التدشين، اذ اخبرني رئيس البروتوكول في رئاسة الجمهورية ان الطائرة الخاصة جاهزة في المطار، وعليّ ان اجهز نفسي خلال ساعة واحدة!
وبالفعل اقلعت الطائرة في الموعد المحدد لها، فقد غادرت مطار كوناكري في تمام الساعة الحادية عشرة صباحا متوجهة الى مدينة كانكان، ومنها انطلق (الموكب) الرئاسية، وقبل ان تهبط الطائرة في المطار بقليل خيرني بين الركوب في المركبة الخاصة بالرئاسة او استقل مركبة خاصة برفقة احد الوزراء تسير خلف الموكب الرئاسي، فمواكب مركبات باقي الوزراء، فاخترت المركبة الخاصة، وعند مداخل بعض المدن والقرى يتوقف الموكب الرئاسي، ويصر الرئيس لانسانا ان نمشي سويا الى مكان الاحتفال الذي يقيمه الاهالي احتفاء وابتهاجا بافتتاح الطريق الذي يعد شريان الحياة للمدن والقرى والهجر الذي يمر فيه الطريق، وقبل اقترابنا ببضع كيلومترات مقر الحفل توقف الموكب، وطلب مني فخامته ان اركب في مركبة الرئاسة معه، واثناء مرورنا على الطريق شاهدت حقول اشجار البن والكاكاو، فقلت لفخامته: ما اروع هذه المناظر الخلابة في غينيا لولا مشاهدتي بنفسي الآن لما صدقت بوجودها في بلادكم في غينيا، تبسم فخامته، ومال الى جهتي هامسا في اذني هل تريدني ان امنحك قطعة ارض في هذه الحقول تقيم فيها بيتا لك ولاسرتك.
قلت: هذا شرف من فخامتكم اعتز به، فاشجار الكاكاو والقهوة (البن) اسرتني بسحرها، وجعلتني احلق حقيقة ان يكون لي بيتا في وسطها، ولكن تعلمون المسافة بين العاصمة كوناكري وهنا اكثر من الف كيلومتر بالاضافة الى المسافة بين بلدي وبلدكم طويلة جدا.
تبسم فخامته ابتسامة خفيفة، وقال: معك حق، فالمنطقة نائية يصعب الاقامة فيها، وبعيدة عن كوناكري.
واخيرا، عندما قدمت له كهدية كتابي بعنوان: (غينيا منذ الاستقلال وحتى اليوم)، قال: انت تعرف غينيا اكثر مني، وتوقف ملياً امام الصور التي تضمنها الكتاب، وخصوصا الصور التي كان يرتديها بالزي العسكري ابان الانقلاب الذي قاده مع رفاقه في الجيش بمجرد وفاة اول رئيس لجمهورية غينيا بعد استقلالها من الاستعمار الفرنسي احمد سيكوتوري مع الصور عن غينيا.
طلب من سكرتيره ان يقرأ ما جاء من ايضاح تحت كل صورة من صور الكتاب، وسر سرورا طيبا بالجهد الذي بذلته في اخراج اول كتاب باللغة العربية والفرنسية يتحدث عن غينيا بموضوعية وواقع عاشها المؤلف عن قرب خلال فترة عمله كرئيس لبعثة دولة كبيرة تحتضن اقدس بقاع الله، تهفو اليها القلوب زرافات ووحدانا، ويتجه اليها المسلمون في اصقاع الدنيا كلها خمس مرات في اليوم.
وابلغني سفير جمهورية غينيا في الرياض ان كتابي عن غينيا امر فخامته ان يدرس في المدارس الغينية في مدينتي الرياض وجدة.
تولى الرئيس الراحل انسانا كونتي الحكم في غينيا منذ عام 1984 -1394هـ في اعقاب انقلاب بعد اسبوع فقط على وفاة اول رئيس في غينيا المستقلة احمد سيكوتوري الذي حكم غينيا لمدة ربع قرن.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *