[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]سلمان بن محمد العمري[/COLOR][/ALIGN]

قبل مايزيد على أربعة أعوام وجهت رسالة لسماحة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى حفظه الله حول طلب إعادة النظر في موضوع الديات هذا نصها :(مما جاء الإسلام بحفظه النفس، حيث حرم قتلها أو الإضرار بها بغير حق، وجعل القصاص جزاء من اعتدى عليها عمداً بغير حق، وما دون العمد فيه الدية، القتل الخطأ مائة من الإبل، وفق التفصيل الوارد في السنة النبوية، ولا ريب أن سوق مائة من الإبل دية النفس المقتولة خطأ فيه إعلان بالغ القوة عن حرمة النفس، واحترامها ، إلا أن الملاحظ في هذه البلاد، أنه انتقل من سوق الدية إبلاً، إلى دفعها نقوداً تقويماً، مائة وعشرة آلاف ريال، ولئن كان لهذا المبلغ إغراؤه وهيبته في عقود مضت، فإنه في هذه الأيام لا يمثل شيئاً بالنسبة للكرامة الإنسانية التي تزهق أحياناً بسبب طيش أو تهور، أو بسبب استعمال المسكرات والمخدرات، فيذهب ضحيتها أبرياء تترمل نساؤهم، ويتيتّم أطفالهم، فلا يجدون اليد الحانية، ولا القلب الرحيم، وربما تدهورت أحوالهم المالية بسبب موت عائلهم, لا يمكن أن تقوم هذه الدية مقام ما كان يتقاضاه عائلهم في حياته فضلاً عن الأمور المعنوية والإنسانية الأخرى، فإذا أضفنا إلى ذلك مسألة التضخم وتناقص القيمة الشرائية للعملة، انضاف إليها عبء آخر. فهلا تكرم المجلس الموقر بإعادة النظر في مبلغ الدية، ورفعها إلى ما يوازي التقدير الحقيقي لأسعار الإبل الآن، أو على الأقل تخيير أولياء المقتول بين أخذ الدية مالاً وبين أخذها إبلاً).
وأعيدها هذا اليوم كما هي لأن المجلس الموقر لم يغير شيئاً في الموضوع ، والأسعار زادت والأنفس البشرية رخصت عند الناس مادياً ومعنوياً ، وكثرت حوادث القتل العمد وغير العمد ، وتعددت الأسباب ، وأول الأسباب \”رخص النفس البشرية\”، وقد جرى العمل على تقويم الإبل بالنقود الورقية، و قوّمت دية العمد وشبه العمد بـ 100 وعشرة آلاف ريال، وقوّمت دية الخطأ المحض بـ 100 آلاف ريال، ولكن كان هذا التقدير حين صدور التعميم الخاص بهذا التقويم، وذلك بتاريخ 7/9/1401هـ ، وقد تطرق الدكتور يوسف القاسم الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء في مقالة له قبل أسبوعين في صحيفة الاقتصادية ، وهي بحق مقالة علمية شرعية ، وطرح موضوع الدية وبحسبة الإبل المتوسطة والقليلة ، وخرج بهذه النتيجة التي ذكر أن رجلاً قام بالذهاب لثلاثة أسواق للإبل في مدن مختلفة \”لكي تعطي مؤشراً صحيحاً عن الأسعار\”، وذلك في سوق الإبل في الجنادرية في الرياض، وفي سوق الإبل في الخرج، وفي سوق الإبل في الحوطة، فوجد أن أسعار الإبل بشكل تقريبي على النحو الآتي: بنت مخاض: 2500 ريال ، وابن مخاض: 2500 ريال ، وبنت لبون: 2700 ريال ، وحقة: 2500 ريال ، وجذعة: 3000 ريال ، وخلفة: 4000 ريال .
وبناء على هذا التقويم، تكون دية القتل العمد وشبهه على النحو التالي : 30 حقة: 2500 = 75000 ريال ، و30 جذعة: 3000 = 900000 ريال ، و40 خلفة: 4000 = 160000 ريال ، وبالتالي يكون مجموع الدية: 267500 ريال . وبناء على هذا التقويم أيضاً، تكون دية الخطأ على النحو التالي : 20 حقة: 2500 = 50000 ريال ، و20 جذعة: 3000 = 60000 ريال ، و20 بنت مخاض: 2500 = 50000 ريال ، و20 ابن مخاض: 2500 = 50000ريال ، و20 بنت لبون: 2700 = 54000 ريال ، وبالتالي يكون مجموع الدية: 264000 ريال.
انتهى ماتوصل إليه الكاتب من السعر التقريبي ، ومن المعلوم أن قيمة الدية الحالية قدرت منذ عام 1401هـ أي منذ ثمانية وعشرين عاماً ، فهل يعقل أن تبقى قيمة الدية كما هي ، وقد بين أهل العلم بأن الدية المقررة فى شريعة الإسلام، لا تدخل فى نطاق التعويض أو الغرامة التي تتردد فى قانون العقوبات الوضعي ، ذلك لأن الدية وإن أشبهت الغرامة لما فيها من معنى الزجر للجاني بحرمانه من جزء من ماله، إلا أنها تخالفها في أن الجاني لا يتحمل عبء الدية وحده فى أغلب الأحوال، كما أنها لا تؤول إلى الخزانة العامة كالغرامة. كما أن الدية تختلف عن التعويض إذ يدخل فى عناصر تقدير التعويض مقومات متعددة، مادية وجسدية وأدبية، بينما الدية جاءت مقدرة شرعاً، غير داخل في تقديرها احتساب كل ما نتج عن الجريمة من الأذى والخسارة، وإنما كمقابل للنفس التي هلكت بالقتل فقط أو الأعضاء التي أتلفها الجاني .
alomari 1420 @ yahoo . com

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *