عبدالحميد سعيد الدرهلي

يعتقد بعض الآباء أن العناية بالأبناء أمر يقع على عاتق الأم وحدها، وأن دورهم كأباء يقتصر على ضمان حياة الأسرة المادية، كما يعتقد البعض الآخر أن الرجولة تأبى عليهم أن يشاركوا أدنى مشاركة في شؤون البيت الداخلية، بما في ذلك أمر العناية بأبنائهم.
فالرجل يستطيع أن يكون أباً ودوداً حنوناً، بل لعل رجولته لا تكتمل بدون هذا الحنان وذلك الود. ولا يشترط فيه من أجل ذلك أن يقاسم زوجته مختلف ما تبذله من جهود في تربية أطفالها، ولكن لا بأس عليه إذا قام بمساعدتها عند الضرورة في بعض الشؤون الصغيرة التي تشعره بأنه يشارك في قيادة دفة أسرته، التي هي مملكته الصغيرة فعلاً، وهو شعور رائع سوف يجعله أشد تمسكاً وحباً لهؤلاء الأفراد الذين لا تقتصر علاقتهم به على كونهم أبناء له فحسب، وعلى أنه يوفر لهم من جهده وعرقه لقمة العيش، بل هم ينالون نصيبهم من قلبه ايضا، الأمر الذي يجعلهم اقرب اليه والصق به.
فمن واجب الأب إذاً مهما تكن مشاغله كثيرة، ومهما يكن وقته ضيقاً، ومهما يكن التعب الذي يعانيه في عمله أن يخصص لأبنائه حصة ليستمتعوا برفقته كأب ويأخذوا عنه كرجل، فالطفل لا ينضج ويتفتح للعالم وتتكامل شخصيته لمجرد ولادته ذكراً، بل الشيء الذي يجعله يشعر ويتصرف كالرجال هو القدوة على التشبه بالرجال أو الفتيان من اخوته الكبار واقاربه المقربين الذين يكن لهم الحب والمودة،والطفل لا يستطيع الاقتداء بأي انسان اذا لم يشعر بأن هذا الانسان يحبه ويثق به.
والأب الذي يريد مساعدة ولده على أن ينشأ رجلا لا يصح له أن يعامله بقسوة في كل الأحيان. ولا يحق له أن يسخر منه أو يتهكم عليه حين يخطئ، كما لا يجوز له أن يكرهه عنوة على ممارسة بعض النشاطات التي يحبها أو كان يجيدها في أيام صباه، أو لعله كان يتمنى أن يجيدها.
فلذلك كله قد يكون حافزا على الانحراف عند الاطفال.
لذلك ينبغي على الأب أن يكون لطيفاً مع ولده في موضع اللطف، قاسيا مع بعض المرونة في موضع القسوة، ويجب عليه أن يشعره بأنه فخور به معتز بصحبته وبما يحققه من نجاحات، وأن تكن محدودة، سواء في دروسه أو في بعض الأعمال التي يكلفه بها، والتي تتفق مع مستواه العقلي ومهارته الممكنة، ولا بأس عليه إذا شاركه بعض الأسرار واصطحبه إلى مكان عمله احياناً، وإلى نزهة أحياناً أخرى، فيكون لذلك كله آثار ايجابية في حياته المقبلة.
ثم إن قدرة أي إنسان على التوفيق بين مواقف الحياة المختلفة تتوقف إلى درجة كبيرة على نوع العلاقة التي كانت قائمة بينه وبين والده أثناء طفولته، وما لقيه آنذاك من جانبه من مساعدة وتشجيع وعطف أو معارضة وحرمان واعراض.
وإذا كان موقف الأب يلعب مثل هذا الدور المهم في حياة الذكور من ابنائه، وتكوينهم على نحو معين في المستقبل، فإن دوره لا يقل عن ذلك شأناً في حياة الإناث من أبنائه وتحديدا شخصياتهم وان يكن ذلك بطريقة مختلفة.
فصحيح أن الفتاة لا تقتدي بأبيها من ناحية سلوكه وطريقته في معاملة الآخرين، والتعامل معهم، ولكن مما لا ريب فيه انها تكتسب الثقة بنفسها كفتاة وكإمرأة من خلال شعورها بأنه راض.
مدير عام وزارة التخطيط/ متقاعد
فاكس 6658393

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *