الدوران حول ردة الفعل

الدوران والغرق في مستنقع ردة الفعل تعني ضياع الفعل والفاعل الحقيقي والأسباب والمسببات ، فصناع الأفعال هم القادة والمؤثرون ، اما من يعيشون حالة ردة الفعل فهؤلاء فئة المتأثرين وليس المؤثرين ، فئة المتلقي وليس الملقي ، الدوران حول ردة الفعل هو ضياع الموضوع ، والتشتت وغياب المشهد والخلاف حول التفاصيل الثانوية وضبابية الرؤى ، والمشاهد للحوارات وما تعرضه بعض الفضائيات للأحداث التي تدور في مجتمعاتنا يلاحظ هذه الظاهرة وهي ظاهرة الدوران حول ردة الفعل ، الامر الذي يتوجب منا الوقوف عند هذه الظاهرة الخطيرة من أجل دراستها ومعرفة مسبباتها وعلاجها حتى نكون مؤثرين في محيطنا وعلى كل المستويات. فأعظم المكتشفين هم الذين لم يتوقفوا عند ردة الفعل بل بحثوا حول اسبابها ومسبباتها والفاعل الحقيقي ، فمثلا قد أدى عدم الوقوف عند ردة الفعل والبحث عن الفاعل الرئيسي إلى اكتشاف الجاذبية الارضيّة من سقوط التفاحة على الأرض ، وكما هو معلوم لأهل الفيزياء ليس القدمين فقط هما اللتان تبذلان الجهد ، بل الأرض في حقيقة الامر تبذل جهداً مساوياً . فعندما تدوس القدمين ضاغطة الى الأسفل تكون هناك مقاومة من الارض الى الأعلى مساويا لقوة ضغط القدمين وبذلك لا تغوص القدمين في الأرض وهو مايعرف بتوازن القوى المتضادة . او قانون الحركة لنيوتن الذي يقول أن لكل فعل ردة فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه . فإذا توقف النظر عند ردة الفعل ضاعت الحقيقة ، فكثير من الظواهر التى نراها ونشاهدها والأحداث التي نعيشها هي في حقيقتها ردة فعل لأفعال وأسباب أخرى ولمعالجتها يجب البحث عن المسببات والافعال التي خلقتها وأوجدتها ، فداعش وفكرها ماهو إلا ردة فعل لفكر ظلامي وتوقف الفقه عن نقد وتصويب المفاهيم القديمة وتقديس السلف وفكرهم والمعرفة المحدودة في ذلك العصر والزمان . وقد استغل هذا الفكر من قبل القوى الإقليمية والدولية لتحقيق أهداف قصيرة وبعيدة المدى ، ولن تنجح الحرب ضد هذا الفكر إلا بمعالجة مصدره وإعادة النظر في المناهج والمصادر التي تنتهي بالضرورة لمثل هذه الأفكار. أن صانعي السياسة والتنمية ومراكز البحث مطالبين بعدم الوقوف عند ردة الفعل ، فصراخ الطفل ليس الحل في إسكات الطفل ولكن الحل بمعرفة الأسباب الحقيقية التي أدت لبكائه وصراخه ،وكذلك أن النجاح على الصعيد الشخصي يكون بمعرفة الأسباب الحقيقية التي تؤدي للنجاح ، وعدم التوقف عند الشكليات وغير ذلك من أمور قد تبعد عن معرفة المصادر الحقيقية للنجاح ، وأهم أسباب الفشل الدوران حول ردة الفعل.

osamayamani@