د. علي السقاف

صرحت منظمة الصحة العالمية قبل اسابيع ان حجم التجارة العالمية في الادوية المغشوشة بالمليارات مما يقودنا الى التفكير في هذه التجارة التي تفوق في حجمها وارباحها واضرارها تجارة المخدرات.
والمشكلة ليست بسيطة اذا تشترك فيها شركات كبرى حول العالم ويتركز تصدير هذه الادوية على الدول النامية لمعالجة مشكلة النموا ومما يجعل هذه التجارة مغرية ان نتائجها سرية لان هذه الادوية يتناولها اما مرضى مزمون يموتون معها فتنسب الوفاة الى المرض المستعصي لا الى الدواء المغشوش او تكون من نوع المسكنات او المنشطات فيتعافى المريض او يتنشط بالايحاء النفسي بعد تناول الحبة المغشوشة.
ونحن لم نسلم من هذه المشكلة فقد ذكر مؤتمر حماية المستهللك الذي انعقد في جدة قبل سنتين ان نسبة من الادوية الموجودة بالمملكة معرضة للغش والتقليد خصوصا الادوية المرتفعة الثمن وذكر المتحدثون ان هناك مافيات كبرى خلف صناعة الادوية المغشوشة تحقق ارباحا خيالية تفوق ماتحققه لهم تجارة المخدرات الخطرة. بل حدثت حادثتان بجدة اثناء انعقاد مؤتمر حماية المستهلك توفي فيها اشخاص نتيجة رش المبيدات الحشرية المغشوشة.
ويقودنا هذا الى التفكير في حلول لمشكلة غش الادوية واعتقد ان الحل ليس في اصدار التشريعات والقوانين ولا في استيراد اجهزة الكشف والتحليل لان صناعة الغش العالمية اصبحت من القوة والسيطرة بحيث تصعب محاربتها حتى على الدول الكبرى وقد دخلت فيها كثير من المصالح العالمية المتضاربة.
إن المواجهة الفعالة في نظرى هي بقيام المراكز البحثية بدراسة هذه المشكلة ومتابعتها وتنوير المجتمع والمسؤولين بخفاياها وطرقها.
و الحل الجذرى في نظري هو أن تكون صناعة الدواء عربية مائة في المائة ولابأس باستيراد المواد الخام من الخارج لان مراقبة واختبار المواد الخام ليس صعباً بعكس اختبار ملايين العبوات التي يستحيل تفريق الاصلي منها من المغشوش.
وللمشكلة جانبان اولهما ان رؤوس الاموال العربية تبحث عن ارباح سهلة وسريعة فتتجه الى استثمارات خارجية خطرة وثانيهما أن الاجراءآت الحكومية طويلة ومعقدة فتطرد رؤوس الاموال الى الخارج ولهذا على الحكومات العربية ان تجعل الاستثمار الصناعي الدوائي سهلا وجذابا وان تزيل كل مايكتنفه من عوائق ادارية وروتينية حتى نوفر الحماية لانفسنا ولاجيالنا القادمة وحتى نستثمر أموالنا في بلدنا وتحت أعيننا وبسواعد أبنائنا وبناتنا.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *