الخوف الغربي من الإسلام بين التعصب والسياسة

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]زهير سالم[/COLOR][/ALIGN]

منذ أكثر من عقد وأصوات الهلع من العفريت الإسلامي تتعالى في الغرب. وبينما سبق بعض المفكرين الغربيين إلى إعلان النصر النهائي على العقائد والحضارات وأكد نهاية التاريخ، فإن صوت النفير في إعلان الحرب على الإسلام والمسلمين عاد يصم الآذان. قادة وسياسيون ومفكرون ومثقفون وفنانون كلهم متفقون على أن القادم الإسلامي مخيف، وعلى إعلان الحرب الاستباقية على الإسلام وعلى بنيه، ولو كانوا في صورة مهاجر أخرجه من وطنه خوف أو جوع أو كلاهما معا..
يذهب بعض المحللين إلى أن دعوة ( الويل والثبور )، التي علت في غرب العقد الأول من القرن الحادي والعشرين له أسبابه الاستراتيجية التي تتلخص في حاجة الغرب إلى ( نقيض ). فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وانتهاء الحرب الباردة، بات على القادة الغربيين أن يجدوا لحياتهم السياسية هدفا ومغزى، فوجدوه في اختراع عدو وتجسيمه فكان الإسلام وكان المسلمون وكان الطالبان وكان صدام حسين وكانت المئذنة وكان البرقع وكان الحجاب وكانت العمالة الوافدة وكانت الهجرة وكانت الثقافة وكان رفض الاندماج وكان العجز عن تعلم اللغة وكان القعود عن العمل والإنتاج..
بل يصر بعض المتعلقين بنظرية المؤامرة والمؤسسين عليها أن كارثة الحادي عشر من سبتمبر ما كان لها أن تمر لولا تساهل أو تواطؤ القوى المسئولة عن منعها في تمريرها. يؤكد هؤلاء أنه كان هناك من يحتاج إلى الذريعة ليؤسس عليها مرحلة جديدة في تاريخ الصراع.
وإذ ننتقل إلى الأسباب العملية التي تستدعي الخوف الغربي العصبي أو المفتعل من الإسلام ومن بنيه على السواء فسنجد في مقدمة هذه الأسباب الجانب الهش من مجتمعات الرفاهية التي بناها الغربيون لأنفسهم. وحين نتحدث عن مجتمعات غربية هشة فإننا لا نريد أن ننكر على الغربيين صلابة مجتمعاتهم ولا قدراتها ولا تطورها؛ ولكن أحدا لا يستطيع أن ينكر أن معطيات حياة المتعة والرفاه والتخفف من المسئولية الفردية قد أسست لمجتمعات متآكلة على مستوى ديمغرافي، وخاوية على المستويات الروحية والإيديولوجية. نقاط الضعف هذه شكلت هاجسا للخائفين من الغربيين وهم يلاحظون الفرق في الضغط ( الأوسموزي ) البشري، من الناحية العددية، على أطراف المتوسط، ويلحظون في الوقت نفسه مهاجرا قادرا على الاحتفاظ بذاتيته الداخلية مهما ضاقت أو ضيقت عليه ظروفه الداخلية.
ليس ذنب المسلمين الذين يجد أحدهم زينة حياته في ( المال والبنون.. ) وليس في المال وحده، وما يحققه المال من متع كما يتعلق بها الغربيون. متعة المسلم الكبرى هي أن يقسم ثمرة جهده وكده على عدد أكبر من بنيه، وهذه ليست ثقافة فقط، بل هي ركيزة أساسية من ركائز نمو الحياة الإنسانية. قاعدة حياتية أوسع ورفاه أقل، حقيقة تصطدم بواقع الحرص الفردي على الاستئثار في تحقيق الرغبة والتمكن من الإشباع.. تشعر مجتمعات غربية متآكلة أو منقرضة لأسباب تخصها بالخوف من نمو حيوي ترفض ثقافته سياسة تأجير الأرحام.
ثم إن المتابع لارتفاع صوت الهلع الغربي في إعلان الخوف من الإسلام لا بد أن يتلمس الأبعاد العصبية المتلبسة بالكراهية التاريخية والثقافية في نبرات البعض، هذه النبرات التي تحاول أن توظف رواسب الثقافة في معارك حزبية ضيقة، فتنفخ البالون الأحمر وتطلقه وتدعو جماهير محتقنة للتحلق حولها لمتابعة حركته..
وفي مستوى آخر أصبح الحديث عن التهديد الإسلامي أو الخوف من الإسلام مشجبا يهرب منه السياسي الغربي، على عادة حكام بلادنا البسطاء، من استحقاقات سياساتهم الفاشلة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية.
في كل دول الغرب اليوم أزمات ذاتية نشأت عن الخلل الرأسمالي الاستهلاكي، والمطلوب أمام الشعوب المخدوعة والمغرورة عفريت يتحمل أو يُحمّل المسئولية هذا هو بعض السر.
الأعجب في الأمر أن بعض المنتسبين إلى الإسلام يجدون متعتهم في هذا الظرف بالضبط بلبس قناع فرنكشتاين على سبيل الدعابة السخيفة التي يظن أصحابها أنهم يحسنون صنعا.. وكلما انفجر عجل سيارة على طريق عام أو خاص أعلنوا عن مسئوليتهم عنه، مسئولية تفتقد أي إحساس بالمسئولية الدينية والمدنية.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *