الخوف الإسرائيلي من السلام
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن آل فرحان[/COLOR][/ALIGN]
ضيعت إسرائيل كل مساعي التقارب مع العرب ولا زالت ، ولعل المبادرة العربية التي تبنتها قمة لبنان قبل عدة أعوام آخر تلك المساعي الجادة التي كانت ترمي إلى تحقيق السلام الكامل والشامل والمرضي لكل الأطراف ، لكنها ( أي إسرائيل ) ضربت بها عرض الحائط ،ولا أظنها ستقبل بغيرها مهما تضمنت من تنازلات جوهرية ؟ لأن إسرائيل ببساطة تخشى السلام ذاته أكثر من خشيتها للحرب ، وستتعمد إبقاء أبواب الصراع مشرعة مع العرب مهما ترتب عن ذلك من خسائر.
إن أكثر المستفيدين من التطبيع والسلام في المنطقة العربية هي إسرائيل بلا شك ؟ ولو أردنا تعداد محاسن هذا السلام على إسرائيل وشعبها لاحتجنا لمئات الصفحات ، وأنا هنا لست معنياً بتعداد تلك المحاسن بقدر محاولتي في أن أفهم لماذا إسرائيل تتجاهل كل تلك المحاسن ؟..فيما يبدو أن ثمة ما يحول عن هذا شيء أظنه يختلف عن كونها دولة عدائية ذات أطماع جغرافية في المنطقة . وأميل إلى أن هذا الشيء يتعلق بالأوضاع الداخلية لها ، أو بمعنى أدق بمشكلة الإثنية الطاغية داخل المنظومة الاجتماعية الإسرائيلة . حيث يبدو أنها أدركت خطورتها ، فاختارت مكرهة الإبقاء على حالة صراعها مع العرب مهما كلفها هذا الأمر . حتى تتجنب مغبة العواقب التي يبدو أنها غير مهيأة لها – على الأقل – في الوقت الراهن .وهو التحول من حالة عدم الاستقرار إلى الهدوء ، ومن حالة الحرب إلى حالة السلام ، فلو تم ذلك .. أي أصبحت إسرائيل غير محاطة بالأعداء يفضي بالتأكيد إلى انصراف الشعب الإسرائيلي من الهم الوجودي والقومي الذي تفرضه حالة الحرب ، إلى الهم الديمقراطي والحقوقي داخل الدولة في حالة السلم والاستقرار ، وبالتالي تنامي أصوات الحرية والعدل والمساواة بين مختلف أطياف الشعب الإسرائيلي التي توافدت من كل حدب ،أمثال السفارد والأشكناز والحريديم ، إضافة إلى عرب 48 وغيرهم ، هذه التوليفة غير المتجانسة التي صنعت مجتمعاً تراكيبياً بعضه فوق بعض . فئة قليلة منهم ( السفارد ) غلبت فئات كثيرة واستأثرت بالسلطة والنفوذ منذ قيام الكيان الإسرائيلي وحتى اليوم فرضت على الكثرة واقع الإقصاء بمسوغات يهودية غارقة في العنصرية تحرم عليهم المشاركة في كثير من المزايا ؛ منها المناصب الرفيعة والشراكة السياسية . وأجزم أن الكثير من تلك الأطياف المقصية ترتقب موت النزاع الخارجي لإظهار فاتورة المحاسبة الداخلية والتي لا محالة ستكون حادة وشرسة إذا ما أخذنا في الاعتبار تلك الأيدلوجيات المتضادة التي وفدت بها كل جماعة على حدة داخل الأراضي الفلسطينة .
فهل تبدو إسرائيل محقة في إطالة صراعها مع العرب ورفضها المستميت لكل مبادرة للحل الدائم للقضية الفلسطينية ؟ هل حقاً تسعى إلى كتم أنفاس صراعاتها الداخلية عن طريق إطالة أمد الحالة العدائية فيما بينها وبين جيرانها ؟ أم أنها لا زالت غارقة في حلم تحقيق مشروعها التوسعي الكبير من دجلة إلى نهر النيل ؟ أم ماذا في جعبة إسرائيل بالضبط ؟ .
@ad_alshihri
التصنيف: