الحوار مع الآخر ثانياً
•• كثر الكلام في الآونة الأخيرة عن ضرورة واهمية الحوار مع “الآخر” حتى اصبح لا تخلو منه وسيلة اعلامية مسموعة او مقروءة او مشاهدة.. وبالتأكيد فالحوار حتمية حضارية بل قد يكون واجباً احياناً.. “وجادلهم بالتي هي احسن” “تعالوا الى كلمة سواء..” النصوص في هذا الاتجاه بليغة وواضحة.. وجلية.. تحث عليه وتأمر به.. والذي اعتقده ليس هناك عاقل يرفض الحوار مع الآخر مهما كان هذا “الآخر” مشتطاً في رأيه او في موقفه او مغالياً فيه.. هذا امر لاشك في صوابيته.. لكن اعتقد ان هذه الدعوة للحوار مع الاخر تبدو لي ناقصة ان لم اقل “عرجاء” إذ كيف ندخل في حوار مع هذا “الاخر” قبل ان نوجد حواراً مع “النفس” مع “الذات” كيف تحاور من يقف على الشاطئ الآخر” وانت لا تستطيع ان تحاور من يقف معك على ذات “الشاطئ” تلسعكما سخونة رماله وتلصق ثيابكما شدة “رطوبته”.
كيف تقيم “حواراً” مقنعاً “مع خارجك” وانت فاقد لاهم مقومات النجاح لحوار مع داخلك.. مع همومك.. مع ذاتك؟! كيف تجري حواراً مع الآخر الذي تلتقي معه في “الانسانية” وانت “تصنف” ذاتك.. في اكثر من تصنيف.. وتصم اذانك عن كل ما هو حق.. وما هو مطلوب بالضرورة . ان الحوار لابد لكي يستقيم مع خارجك ان يكون منسقاً مع داخلك.. عندها سوف تحقق ما تصبو ونصبو اليه. فبداية المصالحة مع الآخر تنطلق من المصالحة مع النفس فهي المنطلق وهي الطريق الصحيح. هذا أولا فالحوار الذي هو بداية الضوء في العلاقة الملتبسة لجعلها علاقة واضحة وسليمة من الهوى والانانية وتثبيتها على أرض صلبة من التوافق والاتفاق فالحوار مع الآخر ثانيا مع النفس أولا.
التصنيف: