عبد الناصر بن علي الكرت

اندهش الكثيرون في العالم الإسلامي من فتوى المرشد الأعلى للجمهورية الإيراني علي خامئني بجواز نقل الحج ، بما سماه زيارة عرفة عند مرقد الإمام الحسين بكربلاء ! بديلا عن مكة المكرمة التي يفد إليها الحجاج بأمر الله عز وجل من كل الأصقاع والبقاع ، منذ أن رفع نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل القواعد من البيت .

لقوله تعالى ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) يقصدون بيت الله العتيق ويؤدون الشعيرة في مكانها وزمانها المحددين وفق الضوابط الشرعية منذ أذن إبراهيم عليه السلام وحتى قيام الساعة .

والعبادات المفروضة كما هو معلوم لدى الجميع محددة بشكل دقيق في طريقتها ومواقيتها سواء الصلاة أو الصيام أو الحج بتشريع رباني .. ومخالفة ذلك جرأة على الله تعالى وانتهاك عظيم لأوامره سبحانه .

ولعل هذه الفتوى الباطلة تكشف للجميع درجة الغي الذي يلازم من يدعون بأنهم أئمة المسلمين زورا وبهتانا ، فأراد الله تقدس في عليائه أن يبين للناس مدى زيغهم وفسادهم وابتعادهم تماما عن النهج الصحيح والتشريع الصريح .

بمثل هذه الفتاوى التي تكشف فساد عقول أربابها وتظهر مستوى الانحراف العقدي الذي يمارسونه ويخدعون الناس به لأغراض شخصية ومصالح سياسية ، فيعتقد البسطاء بأن ذلك هو الصواب طالما صدر عن مرجعية دينية لمذهبهم ، دون أن يعوا أبعادها والمصير عند رب العباد لمن تبع مثل هذا الابتداع .. فكل محدثة بدعة وكل بدعة في النار .

وحقيقة فإن الدعوة بزيارة عرفة عند مرقد الإمام الحسين رضي الله عنه يمثل نوعا من التدليس الواضح في محاولة جاهلة ومقصودة لتضليل العقل الجمعي بقبول فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان .

وهكذا يلونون معتقداتهم في نطاق رغباتهم بعيدا عما أمر الله به .
فالهدف واضح وضوح الشمس لتسييس الحج وشق الصف وزيادة فرقة المسلمين .

ولو تأملنا واقع إيران منذ الثورة لوجدناها ترزح تحت وطأة فكر الملالي والذي لم يقدم لدولتهم وشعوبهم سوى المشكلات السياسية والقضايا الاجتماعية والصراعات الإقليمية والمقاطعات الاقتصادية العالمية . وهاهم يدخلونها مجددا في خلاف ديني عميق لإبعادهم عن المجموعة الإسلامية بابتداع جديد . وإن كان الكثيرون من داخل إيران يدركون خطر التوجه وضرر هذا الانحراف ويستوعبون أهدافه ويدركون مراميه فإن هناك أعدادا غير قليلة لديها التقبل والاستجابة وهي مشكلة كبيرة حيث يعملون بذلك دون وعي .

ولأن المسألة فيها انحراف خطير عن جادة الصواب وابتعاد مخيف عن نهج الإسلام فمن واجب الحكومات الإسلامية وعلمائها وكذلك والمنظمات الإسلامية التدخل بقوة لإيقاف مثل هذا العبث الذي يخالف الكتاب والسنة ولا يتمشى إلا مع أهواء بعض الملالي ويساير حماقاتهم .

كما أن سماح حكومة العراق أيضا بالحج البديل في نفس الزمن يعطي مؤشرا أكثر خطورة بالانحراف العقدي الذي يشاهده العالم ، سواء تحت الإملاءات السياسية أو كون العراق أصبح مختطفا من قبل إيران ! لكن إسلامية العراق الصحيحة وعروبته الأصيلة لا نعتقد بأنها تقبل الاستسلام لدرجة الهوان لتقع في موقف سلبي تلبية لرغبات من يعمدون لتبديل الشعائر وتعديل أركان الإسلام بما يتناسب مع أهوائهم ويتفق مع سياساتهم الفاضحة .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *