الجوار الفقير والجوار المزدهر

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

أصدر البنك الدولي تقريرا مفصلا عن حالة التنمية في العالم. وكان عنوان هذا التقرير هذا العام \”إعادة تشكيل الجغرافيا الاقتصادية\”. ويركز التقرير على ثلاثة ابعاد رئيسة هي الانقسامات، والمسافة والكثافة. وقد استخدم التقرير هذه الكلمات الثلاث لأنها تثير صور الجغرافيا البشرية والطبيعية وفي نفس الوقت لأنها قابلة للقياس.
فالكثافة والتي يقصد بها كثافة السكان في بقعة محددة من البلاد وبالذات في المدن هي الأهم على المستوى المحلي. بينما تمثل المسافة جغرافيا واقتصاديا العامل الأكثر أهمية على المستوى الوطني. وتأتي الانقسامات بين البلدان والى الأسواق العالمية الرئيسة لتمثل البعد الأكثر أهمية على المستوى العالمي.
ونجد أن الكثافة السكانية في مستوطنة بشرية معينة، هي البعد الأول في الأهمية بسبب أن المسافات داخل هذه المستوطنة الكثيفة تكون قصيرة، وبالتالي فإن الانقسامات الحضارية والسياسية قليلة وغير عميقة. لكن ذلك يكون صحيحا في حالة مراعاة السياسات للكثافة الصحيحة التي تعتمد على تعبئة قوى السوق والاستفادة منها في تشجيع التركز والتقارب في مستويات المعيشة.
وهنا تصبح المسافة ذات أهمية خاصة عندما يؤدي العمران الحضري السريع الى الازدحام وعندما تصبح الانقسامات داخل المدن بين السكن العشوائي والاحياء المنعزلة الراقية واضحا.
فالمسافة الى مناطق الكثافة لها أهمية على المستوى الوطني بين المناطق المحلية حيث يتركز النشاط الاقتصادي والمناطق المتأخرة. وتكون التحديات التي تواجه السياسات هي مساعدة العاملين والشركات على تخفيض المسافة بينهم وبين الكثافة، بحيث تتحقق قدرة الايدي العاملة على الانتقال، وتنخفض تكاليف النقل.
والحديث عن الانقسامات في هذا التقرير يتابع تعددا من الانقسامات ذات الأهمية على كل الأصعدة. فالانقسامات داخل البلدان الناتجة عن فروق اللغة والعملة والحضارة هي صغيرة كما هو حال بلدان كبيرة كالصين والهند التي يوجد فيها تقسيم مكاني بسبب الانتماءات الدينية او العرقية أو اللغوية. لكن الانقسامات المصاحبة لصعوبة النفاذ عبر الحدود والفروق في العملات واللوائح التنظيمية هي عائق اكثر اهمية من المسافة.وهنا يلعب الجوار دورا خاصا.
جوار فقير أو مزدهر:
يمثل وجود اقتصادي كبير وديناميكي جوار اي بلد مساعدة كبيرة للبلدان الفقيرة. فالأماكن تجذب الانتاج والناس بسرعات مختلفة.
فالمدن الكبرى تجتذب اليها كل سكان القرى المحيطة، والدول الاقتصادية الكبرى تجذب اليها كل الدول الأصغر اقتصاديا المجاورة لها. والهجرة من الريف الى المدن هي بحثا عن مواقع الكثافة وقرب المسافات ونقص الانقسامات. والهجرة الى دول الجوار هي انجذاب نحو مصادر رزق ومواقع ازدهار.
وقد قال المثل \”جاور السعيد تسعد\”، لكن الجار الذي يحيط نفسه بالحرس والبوابات ويمنع الدخول اليه او الزيارة يصبح مدعاة فقط لاجتذاب التسلل. والجار الفقير يمكن ان تدفعه الحاجة والعوز الى رمي نفسه على الاسلاك المكهربة التي تحجزه عن جاره المزدهر.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *