[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أحلام الجندي [/COLOR][/ALIGN]

إذا كانت الحكمة المأثورة \”العلم نور\” هي أسرع ما يرد على خاطر من يرى نتيجة الجهل على الجاهل بما يجب ان يعلم، وقبح فعل المخالف للواجب في عين من يعلم ويعرف أصول ومقتضيات هذا الفعل، كذلك هناك أمور عندما يراها العالم بسوء عواقبها وقبح نتائجها ما يجعله ينطق بكل يقين \”االجهل نور\”
وبهذا نرى أن الحكم ونقيضة ينطبق على الأفعال المتضادة التي يجب ان نتمثل أحدها ونتنزه عن الآخر، فهناك من العلم والفعل ما هو محمود، منير للعقل، مقوم للسلوك، نافع للغير، رافع للهمم، ممكن للأمم، وهناك من العلم والفعل ما ينفر ويشمئز وما قد يلفت الانتباه ويوجه الى سلوك مذموم، ضار لصاحبه ولغيره، مثبط للهمم، مشتت للفكر، هادر للطاقة، مكبل للأمم عن الإنطلاق الى غايتها والتمكين لنفسها بين عالمها.
والراغب في البحث عن العلوم المحمودة والعلوم المذمومة عليه بالرجوع الى بعض الكتب التي تبين ذلك ككتاب إحياء علوم الدين من كتب التراث أو الى ما استجد من كتب المحدثين من الفلاسفة ومختصي التنمية البشرية.
وإن كان الحكم بكون الشيء محمود أو مذموم يعد حكما نسبيا فهناك من العلوم ما يراه البعض مذموما لا يجب الخوض فيه او التوغل في بحوره خوفا من الهلاك وعدم القدرة على النجاة والرجوع، يراه غيرهم مدخل للوصول الى الخير والحذر والتنبيه من الشر. وقد ذكر أحد الصحابة أن الناس كانوا يسـألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكان يسأله عن الشر مخافة أن يقع فيه، فهذه هي النية الموجهة الرغبة في تجنب الشر والتحذير منه.وقد ييسر الله للإنسان علما فيكتشف بين طياته شرا أو دعوة أو دلالة إلى شر او هكذا نظنه، وعندئذ يجب على القارئ أن يكشف هذا الشر ويقوم بتحليله ومعرفة غايته وتفسيره ليتجنبه الآخرون ما دام الله قد كشف له سره وخطره، أو يبين الحكمة من ورائه ما دمنا نعلم أن أحكام الخير والشر نسبية نستطيع أن نفلسف كل منها إلى نظيره فما من شيء في الكون إلا وخلق بقدر ولحكمة خيرا كان ام شر.
وقد يكون العلم مباح الإطلاع عليه والخوض فيه لأناس دون آخرون أو سن دون آخر أو وقت دون آخر لذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخاطب الناس على قدر عقولهم وأن نستعين على قضاء حوائجنا بالكتمان، وفطن المعلمون وأوصوا بالرفق بالمتعلم وعدم الخوض به في خضم ما لا يستطيع فهمه حتى لا يفسد فكره اويتأثر معتقده، او يكشف له مالا يحن الوقت المناسب للإطلاع عليه، وفي جميع هذه الحالات يكون الجهل بهذه الأمور نورا لأن العلم بها سيحيل فكر صاحبها وحياته جحيما مظلما.
وما دفعني الى النطق بهذه الحكمة الا تجربة مررت بها أثناء قراءتي لروايات رأيت أبنائي المراهقين يحرصون على قراءتها ويثابرون حتى ينهون ما يتناولونه منها، فأردت أن أعرف سر هذا الاهتمام والإصرار وإذ بي أفاجأ بأشياء مدسوسة بين المعلومات التي تحكي أخبارا تاريخية وحكاياتا يومية، لاول مرة أطلع عليها وأنا السيدة المتزوجة التي قاربت الستين من عمرها، وعندما فكرت في مآلاتها وجدت أنها قد تشوه فكر الناشة وتجعلهم يرسمون عالما قد لا يوافقوه واقعيا مما قد ينغص عليهم حياتهم، ويقض راحتهم ورضاهم واستقرارهم وأمام هذه المعلومات أيقنت أن هناك أشياء الجهل بها حقا نورا.
لذا كان من الدعاء اللهم علمنا ما ينفعنا، واللهم أنا نعوذ بك من علم لا ينفع، اللهم إنا نعوذ بك من شر ما علمنا ومن شر ما لم نعلم. فاللهم أنا نسألك علما نافعا ورزقا حلالا طيبا واسعا، ونعوذ بك من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ونسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *