الثورة الفكرية تسبق الصناعية

• حاتم طالب المشهدي

يعتقد الكثيرون أن الغرب شعوب ساذجة يسهل استغفالها باسم الحريات الشخصية والديموقراطيات الانتخابية مما يعزز ثقتنا في أنفسنا كشعوب (فاهمة كل حاجة) لذلك لا نرى في الغرب أكثر من (صناعة سيارات ودوري بطولات وشوية أفلام) غزوا بها العالم متناسين أن تطورهم كان حصيلة مئات السنين من الحروب الأهلية، والقيود الدينية والانشقاقات الفكرية التي دخلت بيوت الأوروبيين وفرقت بين الاخ وأخيه، وصاحبته وبنيه.
ولعل أهم الدروس التي تعلمها الأوروبيون بعد حروبهم الأهلية هو تغليب (مصلحة المجتمع على الفرد) متمثلة في إنشاء (الدوائر الحكومية والحدائق والمنتزهات والمكتبات) في أجمل وأغلي المناطق في مدنهم الاوروبية!
ساهم ذلك في ترسيخ فكرة (المجتمع هو الام الحاضنة للمواطن) فتجد الاطفال يزرعون الحدائق ويجمعون النفايات كجزء من تكوينهم التربوي حتي لتجد الفرد الاوروبي يهتم بنظافة شوارع مدينته اكثر مما يهتم بتنظيف بيته! فكلمة مجتمع Community لها وقع كبير في نفسيات ومعتقدات الغرب!
وقد نستثني العواصم والمدن الأوروبية الكبيرة التي يكثر بها (التحرش ومظاهر العالم الثالث) بسبب امتلائها بالاقليات والمهاجرين من مختلف دول العالم!
فلو أردت معرفة حقيقة بلد معين…فعليك بأريافها ومدنها الصغيرة حيث تتجلي صفات الشعوب الحقيقية بعيداً عن العولمة التي ُتخفي نقص بعض المجتمعات خلف ناطحات السحاب التي اصبحت موضة في البلاد العربية اعتقادا منهم انها مقياس الحضارة.
هنا يتجلي واجب المثقفين في نشر وترجمة خبرات الشعوب وملاحمهم الادبية والفكرية التي سبقت ثوراتهم الصناعية ومهدت لها بقوانين وتشريعات فكرية تحمي حقوق الملكية الفكرية وبراءة الاختراع الخ.
أتمني أن لا يركن بعض كتابنا الشباب الى مداهنة القراء بكتابات شبيهة بنشرات الصحافة المدرسية عن فوائد الصدق والصداقة والارتقاء بمفردات الشعر النبطي بدلآ من الارتقاء بفكرهم تجاه مقاصد مهنة الصحافة التي يُقاس نجاحها برفع وعي القارئ ومعرفته بثقافات وملاحم الشعوب التي سبقت وأسست نهضتهم الصناعية والتكنولوجية.

Twitter @ALBilad123

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *