[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]إبراهيم عبدالواحد زقزوق[/COLOR][/ALIGN]

الثقة ثمرة الوفاء بالعهد والأمانة، ومن مزايا الوفاء والأمانة صفة بعيدة الأثر جليلة الخطر في نجاح الأفراد والأمم نجاحا أدبيا وماديا واجتماعيا وسياسيا، هذه الصفة هي الثقة.
والثقة نوعان.. نوع يوصف به الفرد في ذاته هي اعتقاد قوته على ايجاز العمل واطمئنانه الى كفايته فيه فيقدم عليه بعزيمة قوية، وارادة مؤكدة غير هياب ما يعترضه من صعاب، فيخترقها ويمضي قدما بقوة وثبات حتى يتم عمله، ويحقق فيه أمله، فثقة المرء نفسه مدعاة الى الاتقان والنجاح والتقدم.
ونوع من الثقة يوصف به الفرد في مجتمعه وهو ثقة المرء بغيره، وهي ائتمانك الغير واطمئنانك الى صدق وعده وعظيم عنايته وقوته على انجاز ما يعهد به اليه على خير الوجوه واكملها.
ولا تنال هذه الثقة الا بحسن القيام بأعمال كثيرة وتجارب متعددة تابعة من نفس قد امتزجت أمانتها ووفاؤها بلحمها ودمها.
وهذه الثقة رأس مال الفقير.. وسر الاقبال على التاجر والصانع وتقدمهما ومبعث رقي التجارة وسر مكانة الحاكم من قلوب رعيته والوالد في أسرته والمرأة عند زوجها والولد عند أبيه، والثقة روح النجاح في جميع الاعمال وبالذات في اعمال الدولة لأن كثيراً من الأمور التي تتطلب وقتاً طويلاً وكثرة من الموظفين مبعثها عدم الثقة.
ولو وجدت الثقة بين الناس لعاش الجميع في وئام وسلام، ولانتشرت العلوم والفنون اكثر مما هي عليه الآن وأزمة الثقة أخرت اختراع الوسائل التي توصل الى السعادة الإنسانية.
والثقة هي الأمانة والأمانة هي الوفاء بالعهد ورد الودائع والدين وما الى ذلك.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (أد الأمانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك).
ومن الامانة والثقة الاجتماعية شعورك بمسؤوليتك عن حياة قومك، واحساسك بالوحدة التي تربطك بهم، وتجعل خيرهم خيرك، وضررهم عائدا عليك لا تنجو منه، وبهذا يجب على الانسان حسن المعاملة والنصيحة وكل ما يستطيع النصح لهم فيه واحترام الكبير والعطف على الصغير والضعيف والفقير والمريض والتيسير على المعسر.. وهذه الآية الكريمة تقول: (إن الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات الى اهلها وإذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل) ذات شقين شق الأمر بأداء الأمانة بين الناس وهي التكاليف كلها، وشق الأمر بالعدل.. القصر في الأمور والتوسط فيها، والزام الناس أداء الواجبات وايصال الحقوق الى اهلها لا نزعها من البعض واعطائها للغير بقوة التهديد، قمع من يقدم على ذلك وعقاب المجرمين، فالعدل يشمل الفضائل كلها، لأن كل فضيلة وسط ممدوح بين طرفين مذمومين، كما يشمل انصاف المظلومين واعطاء كل ذي حق حقه، فهو فردي واجتماعي، وذكر العدل في الآية صريحاً مع دخوله في مضمون الأمانات لما له من آثار بعيدة في حياة الأمة، من حيث النظام والأمن والاستقرار والاطمئنان واقامة الحريات وأداء الواجبات وحفظ الحقوق فالعدل ذو شأن خطير واثر كبير استدعى ذكره مرتين، ضمنا وصراحة، ولذلك كله قال الله تعالى في سورة النساء 135 (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم أو الوالدين والأقربين ان يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى ان تعدلوا وان تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا).
فالاسلام دستور عظيم يعمل على استقرار الناس في كل احوالهم وطمأنتهم على حياتهم واعراضهم وأموالهم وصون جميع حرياتهم، حتى ينصرف الجميع آمنين الى العمل المثمر الذي يحقق لهم السعادة في ظل الاخاء والتعاطف ولو اتبعته الأمم ما سالت بينها دماء ولا قامت حرب ولهداها ذلك الدستور العام الى سبل السلام والرخاء.. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (كفى بالمرء سعادة ان يوثق به في أمر دينه ودنياه).
فيا أيها الانسان لا تضيع هذه الثقة بالمنفعة الخاصة او المجاملة الكاذبة.
مكة المكرمة

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *