الثقافة في عصر الفضاء المفتوح

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أ.د. محمود نديم نحاس[/COLOR][/ALIGN]

في الماضي كان مصدر ثقافتنا هو القراءة. نتبارى في عطلة الصيف من يقرأ أكثر، حباً في الاطلاع وشغفاً في زيادة المعرفة. وفي أيام الدراسة كنا نقرأ بعد كتابة الواجبات، وأحياناً نقرأ خلسة، خوفاً من تعنيف الأبوين على ضياع الوقت في قراءة غير كتب المدرسة. وكانت المجلات الثقافية محدودة العدد، وكنا نقرؤها من الغلاف إلى الغلاف خلال فترة وجيزة، وكان علينا أن ننتظر لبداية الشهر التالي لنتلقف العدد الجديد.
ولم يكن أحد يتصور أن يُفتح الفضاء من فوق رؤوسنا وينزل منه علينا هذا الكم الكبير من قنوات التلفزة وهذا الرصيد الهائل من المعلومات التي حوتها الإنترنت، والتي قيل لو أنها طُبعت في كتاب لكانت سماكته أكبر من المسافة بين الأرض وأبعد كوكب في المجموعة الشمسية.
فكيف إذاً يمكن أن نضبط ثقافة أولادنا وما يطلعون عليه من إعلام؟ هذه بضاعتي المزجاة\”:
* في الماضي كانت استعارة كتاب من مكتبة أمراً جميلاً لمن لا يستطيع شراء كتاب أو قصة. أما اليوم فإن وجود مكتبة إلكترونية يستطيع الإنسان من خلالها أن يقرأ ما يريد من كتب هو ما يطمح إليه الإنسان. ويمكن أن تتوفر مكتبة إلكترونية مركزية تقتني كل ما في الدنيا من كتب وتتيحها إلكترونياً لكل من يريد في أنحاء المعمورة. ويمكن أن يُسمح للقارئ بتنزيل الكتب على حاسبه ليقرأها لاحقاً، كما يمكن أن يُسمح فقط بقراءتها عند الاتصال بالشبكة، وذلك حسب حقوق النشر الخاصة بكل كتاب.
* وماذا عن الناس الذين ليس لديهم حاسبات أو ليس لديهم إنترنت؟ هنا يُقترح افتتاح مكتبات إلكترونية في الأحياء (كأن تكون في مراكز الأحياء والمساجد والمدارس والمعاهد والجامعات) تحوي حاسبات مرتبطة بالمكتبة الإلكترونية المركزية فقط، أي تتم برمجة الحاسبات بحيث لا يُسمح فيها بتصفح الإنترنت وإنما فقط بتصفح المكتبة الإلكترونية المركزية. ومن يريد أن يتصفح الإنترنت فهناك مقاهي الإنترنت فليستفد منها.
* ولمن مازال يحب الطرق التقليدية في التثقف فيمكن أن تُفتح مكتبات في الأحياء يكون فيها غرف هادئة للقراءة داخلياً، ويكون فيها قسم خاص للإعارة ضمن قواعد ميسرة وسهلة.
* ويمكن إنشاء المنتديات الثقافية الإلكترونية الراقية لتكون منارات للعلم والثقافة، ولتعزز ثقافة الحوار الهادئ بين الناس فتزيل الحواجز بينهم.
* ويمكن تشجيع إقامة معارض الكتب والمطبوعات والإنتاج الفني عموماً وذلك على مدار العام بحيث ينتقل المعرض من مدينة إلى أخرى تباعاً.
* وإن كثيراً من الناس يستهويهم الترفيه أكثر من الجد. ومن هنا يمكن التفكير في إنشاء قنوات فضائية تقدم الثقافة من خلال الترفيه. ويجب البحث عن الطرق الإبداعية في توصيل الثقافة للناس من خلال الطرق الأكثر جذباً لهم.
* كما يمكن إنشاء قنوات فضائية تقدم العلوم لكل الناس مجاناً.
* والفكرة الأخيرة هذه يمكن أن تكون مشروعاً تابعاً لجامعة افتراضية تقدم العلوم مجاناً كما سبق. لكن من أراد الحصول على شهادة صادرة عن هذه الجامعة فعليه دفع رسوم لقاء انتسابه لها وعليه أيضاً تقديم امتحانات في نهاية كل فصل دراسي. ويمكن للجامعة هذه أن تتفق مع معاهد معينة في أنحاء العالم لتكون مراكز امتحان تابعة لها. ويبقى العلم متاحاً مجاناً لمن لا يطلب الانتساب إليها.
كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *