بسم الله الرحمن الرحيم.. يقول المولى عز وجل في كتابه الحكيم (قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً انه هو الغفور الرحيم) صدق الله العظيم.
وقال سبحانه في سورة طه.
(وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى).
وقال سبحانه في سورة التحريم:(يا أيها الذين آمنوا تربوا إلى الله ثوبة نصحوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين ايديهم وبايمانهم يقولون ربنا اتمم لنا نورنا واغفر لنا انك على كل شيء قدير).
حين تقع في المعصيبة وتلم بها فبادر بالتوبة وسارع اليها، ولا تركن إلى التسويف والتأجيل فالاعمار بيد الله عز وجل، وما يدريك لو دعيت للرحيل وودعت الدنيا وقدمت على مولاك مذنبا عاصيا ثم ان التسويف والتأجيل قد يكون مدعاة لاستمراء الذنب والرضا بالمعصية، ولئن كنت الآن تملك الدافع للتوبة وتحمل الوازع عن المعصية فقد يأتيك وقت تبعد فيه عن هذا الدافع وتستحث هذا الوازع فلا يجيبك.
فر الى الله بالتوبة، فر من الهوى.. فر من المعاصي، فر من الذنوب.. فر من الشهوات.. فر من الدنيا كلها.. واقبل على الله تائباً راجعاً منيباً دق بابه بالتوبة مهما كثرت ذنوبك، او تعاظمت، فالله يبسط يده بالليل لكل مسيء بالنهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، فهلم اخي الى رحمة الله وعفوه قبل ان يفوت الاوان.
عن ابي بكر الصديق رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله الا غفر له، ثم قرأ هذه الآية: (والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون).
ان باب التوبة مفتوح لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، وحينها (لا ينفع نفساً ايمانها لم تكن امنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا) الانعام: 158 ويغلق هذا الباب ايضا اذا بلغت الروح الحلقوم، قال تعالى: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الآن..) النساء: 18 فسارع الى الدخول في رحمة الله، واحذر من تأخير التوبة، فان الانسان لا يدري متى ينتهي به العمر، ولن يستطيع احد ان يحول بينك وبين التوبة.
والمسلم اذا اراد ان يرجع الى الله لا يحتاج لواسطة كما هو حال الناس في هذه الدنيا، فاذا توضأت وكبرت فانك تقف بين يدي الله يسمع كلامك ويجيب سؤالك، فاستر على نفسك وتوجه الى التواب الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
والتوبة النصوح ينبغي ان تتوفر فيها شروط بينها العلماء كما يلي:
ان يكون صاحبها مخلصاً في توبته لا يريد بها الا وجه الله فليس تائباً من يترك المعاصي خوفاً من رجال الشرطة او خشية الفضيحة، او يترك الخمر خوفاً على نفسه وحفاظاً لصحته، او يبتعد عن الزنا خوفاً من المرض”.
– ان يكون صادقاً في توبته، فلا يقل تبت بلسانه وقلبه متعلق بالمعصية فتلك توبة الكذابين.
– ان يترك المعصية في الحال.
– ان يعزم على ان لا يعود.
– ان يندم على وقوعه في المخالفة، واذا كانت المعصية متعلقة بحقوق الآدميين فانها تحتاج لشرط اضافي، وهو:
– رد الحقوق الى اصحابها او التحلل وطلب العفو منهم.
– ان السهو والتقصير من طبع الانسان، ومن رحمة الله بهذا الانسان الضعيف ان يفتح له باب التوبة، وامره بالانابة اليه، والاقبال عليه، كلما غلبته الذنوب ولوثته المعاصي، ولولا ذلك لوقع الانسان في حرج شديد، وقصرت همته عن طلب التقرب من ربه، وانقطع رجاؤه من عفوه ومغفرته. اللهم تب علينا، واغفر لنا وارحمنا انك انت الغفور الرحيم.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *