التنبؤ الجوي
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. علي عشقي[/COLOR][/ALIGN]
منذ أسبوع تقريبا وصلت من الولايات المتحدة بعد رحلة طويلة مع جميع أفراد أسرتي، شملت كلاً من نيويورك وأورلاندو، وجزر تاهيتي، وجاميكا، وجمهورية المكسيك، هذه الرحلة الطويلة أتاحت مراقبة رحلة هذا الإعصار اللعين منذ ولادته في المنطقة الاستوائية للمحيط الأطلسي وحتى أن وضع رحاله في شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية، عبر التقارير والتحاليل الفنية الجوية الرائعة التي تقدمها محطة www.weather.com على مر الساعة.كما أتاحت لي هذه الرحلة الفرصة مشاهدة الدمار الذي سببه إعصار ساندي لهذه المناطق، قبل أن يعصف بشمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية خاصة كل من مدينة نيويورك ومدينة نيوجرسي، ولا أريد أن أتطرق لساعات الخوف والترقب التي تعرضنا لها، خاصة أثناء تواجدنا في مدينة أورلاندو التي لم تتأثر كثيرا بهذا الإعصار، الذي مر من جانبها بسلام. قصة هذا الإعصار منذ ولادته وحتى وفاته لها العديد من الدلالات، من أهم هذه الدلالات أنه يوضح بصورة قطعية أن هناك تغيرا كبيرا في سلوك المناخ العالمي. الصورة النمطية لمثل هذه الأعاصير المعروفة لدى خبراء المناخ الولايات المتحدة الأمريكية، أنه منذ ولادة هذه الأعاصير غرب القارة الأفريقية ورحلتها تجاه الغرب، عادة ما تضرب خليج المكسيك أو ولاية فلوريدا، أو على الأكثر تضرب ولايتي جنوب وشمال كارولاينا.
ولكن ما حدث في إعصار ساندي أثار الدهشة، حيث أنه مر من أمام ولاية فلوريدا في اتجاه الشمال، حيث كان من المتوقع كما ورد في تقارير وتحاليل خبراء الطقس، أن يعصف بولايتي جنوب وشمال كارولاينا، ولكنه تجاهل هاتين الولايتين، وأتجه شمالا، وهنا توقع خبراء الطقس أن المياه السطحية الباردة لشمال المحيط الأطلسي ستشهد نهاية هذا الإعصار حيث أنه من المعروف أن هذه الأعاصير تستمد طاقتها من حرارة المياه السطحية الدافئة في منطقة جنوب المحيط الأطلسي ولكن هذا الإعصار ازداد قوة في المناطق الشمالية، وتوقع الخبراء أن هذا الإعصار إذا واصل تقدمه صوب الشمال فسينتهي به المطاف في الدائرة القطبية الشمالية وعندها حتما سينتهي أمره.
ولكن حادث مالم يكن في الحسبان، ظهر فجأة في مسار هذا الإعصار منطقة ضغط مرتفع عملت كحائط أو سد أمام تقدم هذا الإعصار تجاه الشمال فحولت مساره تجاه الشرق، وأثناء توجهه للشرق اصطدم بما يعرف بالتيارات الهوائية تحت الاستوائية النفاثة Subtropical Jet Stream وهي عبارة عن تيارات هوائية نفاثة اتجاه الرياح دائما من الغرب إلى الشرق و يصل ارتفاعها إلى حوالي 7 كيلومترات و تتراوح سرعة الرياح فيها من 200 إلى 400 كيلو متر في الساعة، هذه الرياح النفاثة، وجهت هذا الإعصار مرة أخرى في اتجاه الشمال الغربي، أي أن هذا الإعصار أصبح محاصراً من جهة الشمال بمنطقة ضغط مرتفع ومن جهة الغرب بتيار الرياح النفاثة، هذا الأمر حصر هذا الإعصار في حارة ضيقة أي في مساحة ضيقة مما ساعد على زيادة قوت سرعة الرياح فيه إلى الضعف، وهذا من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تدمير بعض المناطق في كل من مدينة نيويورك ومدينة نيوجرسي!! هذه التحاليل الجوية لهذا الإعصار منذ ولادته وحتى وفاته، شدت انتباه ملايين البشر في جميع دول العالم، فأين نحن من هذه التحاليل ولا أريد أن أقارن بيننا وبينهم فالضرب في الميت حرام.
التصنيف: