أعدت وزارة التربية والتعليم برنامجاً لتطوير التعليم العام وقد أخذت الخطة شعاراً يوحي بتوجهها العام (نحو نقابة نوعية في التعليم) وقد رفعته الى مقام الملك عبدالله لاعتماده حيث اصدر امره الكريم باعتماده تخصيص اكثر من 80 مليار ريال لتنفيذه فلهجت الالسن في جميع ربوع البلاد بالامتنان، ولا اكون مبالغاً في الاشادة بما طرحته الخطة من تصور شامل في تحليل الواقع التعليمي بمختلف مكوناته من اهداف ومقاصد ومراحل مؤسسية وارقام ومؤشرات.
كما اهدت وثيقة الخطة التي اعتمدها الملك عبدالله حفظه الله، الى ان التعليم هو ركيزة التقدم والتنمية في اي مجتمع وبقدر استثمار الدول في هذا المجال بقدر تقدمها وتطورها. لذلك اقول وانا اتابع الالتزام بمبادئ خطة تطوير التعليم من خلال البرامج التالية: الاصلاح الشامل للمناهج ودمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالاصلاح المرتكز على المدرسة واعدادها للاعتماد التربوي، التطوير التكنولوجي ونظم المعلومات ونظم المتابعة والتقويم وتطوير بناء المدارس وتطوير مرحلة رياضة الاطفال، بل اصلاح التعليم الاساسي والمراحل الاخرى ودمج الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
ولعل ذلك الذي دفع الولايات المتحدة في بداية الثمانينيات من القرن الماضي الى حالة التأهب القصوى ليس بسبب اعتماء عسكري ولا خطر دائم يهدد امنها، ولكن بسبب حالة التعليم حينما اكتشفت امريكا ان النظام التعليم في اليابان وكوريا الجنوبية يتفوق على نظامها التعليم فقدت مؤتمراً موسعاً شارك فيه رؤساء الولايات المتحدة وكبار رجال الدولة والشخصيات العامة تحت عنوان “أمة في خطر” وحذرت من ان خريجي الجامعات في اليابان وكوريا سيتفوقون على الامريكيين، ومن ثم فان امريكا تعتقد انها ستكون في خطر بعد عشر او عشرين سنة، فسارعت الى تطوير نظام التعليم.
ونحن في المملكة لسنا استثناءً من هذا العالم ولا مفر امامنا الا ان نتكيف مع ما يدور من حولنا وعلى هذا الاساس جاءت موافقة خادم الحرمين الشريفين على الخطة التطويرية للتعليم العام التي رفعها لمقامه الكريم سمو وزير التربية والتعليم الامير خالد الفيصل لتطوير منظومة التعليم العام وتحديث اساليب العمل بالوزارة واساليب التفكير وكل ادوات التنفيذ لاهداف الخطة. فهدف التعليم ورسالته هو بناء جيل جديد بمفاهيم حديثة قادرة على التعامل مع تكنولوجيا العصر بمستحدثاته، ومن مفهوم هذا الهدف يجمع خبراء التنمية البشرية على انها هي عصب وعماد التنمية الشاملة ودور المؤسسات التعليمية في هذه التنمية وهدفها التركيز على التكوين العلمي للطلاب وقدراتهم وفق رؤية شاملة تبدأ وتنتهي بمخرجات المؤسسات التعليمية.
وفي تناغم تام مع هذا الفهم للانسان كأغلى مورد للمملكة جاء اهتمام الملك عبدالله ليؤكد ان الشباب السعودي هو ثروة الوطن وكنزها الاصيل، ومن اجل ذلك جاء دعمه وفقه الله – لمشروع التطوير الذي قدمته وزارة التربية، ومن اجل ذلك تخصيص مبلغ 80 مليار ريال للرقي وصقل الطاقات الشبابية الهائلة. فهذه الطاقات الهائلة هي اساس التقدم والتي يهيئ استثمارها فرصاً افضل في سوق العمل.
ان وضوح الرؤيا والمرونة الفكرية كما وردت في اهداف السياسة التطويرية للتعليم العام هو اهم ما تهدف اليه السياسة الجديدة التي تؤكد ان التعليم هو قاطرة التنمية البشرية، اذا يقع على كاهلها الجزء الاكبر من مسؤولية بناء البشر (الطلاب) فالمدرسة والمعهد يفترض ان لهما نصيباً وافراً في صقل المواهب، لكي يصبحوا عنصراً فاعلا في خدمة وطنهم.
انني باختصار اريد القول ان تنفيذ مشروع تطوير التعليم لتوطيد دعائم التنمية البشرية في نفوس ابنائنا وهو موضوع حيوي يبدد الاحباط لدى بعض الشباب بعد تخرجهم من دائرة التعليم ودخول سوق العمل ونتمنى ان نوقظ في اعماقنا جذوة لا تخبو وشعلة لا تنطفئ لان لدينا قيادة تهتم بالتعليم وتحديثه لتوفير المنتج الفاعل الجدي ليساهم بعد ذلك في تحقيق اهداف التنمية الشاملة والمستدامة بكل ابعادها على مر الزمن من خلال التعليم ذي الجودة العالية والابتكار الرائد.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *