التعاون على التدين «2-2»

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد طالع[/COLOR][/ALIGN]

إن الظاهرة الدينية المتكاتفة والجماعية غير مرفوضة, فهي مظهر جميل وتعبيرٌ موحٍ, إذا أخذ على أساس صفائه ونقائه..غير أن المبالغة في الوصول لهذا الحشد أو التجمع قد يأخذ في مضامينه ويشتمل بين حشوده على حالات تمثل هذا التجميع ولكنها غير حقيقية؛ وكيف أنها غير حقيقية..؟ فهذا يتضح من خلال المظاهر أو المخرجات والنتائج, حيث إن سمة التناقض والشخصيات المزدوجة تطفو على السطح بشكل لافت, إذ ليس من الغريب أن بعض من يأمر بالفضيلة ويمارسها ويحث على ممارستها في الجهر, بل وحتى إنه يشنع على مخالفيه ويهاجمهم بشراسة وضراوة تذهب به في حالات كثيرة حد اللا أخلاقية, ليس من الغريب أن يمارس الخطيئة حتى أدنى مستوياتها في الخفاء, وهذا يدل بوضوح على أن الإيمان لم تخالط بشاشته قلبه, وإنما يسعى لأن يتفق ويتماهى مع المظهر العام ومفاهيم العقل الجمعي التي تفكر وترى وتسمع وحتى تقرر برأي الجماعة.
ولضرورة التأكيد على أن الأصل في الإيمان هو القلب, أي أنه الشيء الخفي والمختبئ عن مشهد الأحداث الدائرة أمام الآخرين, وأصل الثواب والعقاب من عند الله-جلَّ في علاه-إنما هو أمرٌ مناط بالنيات والسرائر والتي تدور حولها الإيمانيات, وإنما أصل العلاقة الإيمانية هي نتاج تفاعلي بين العبد وربّه, فالله تعالى يأمر العبد أن يفعل ولا يفعل, والعبد يمتثل للأمر ويطيعه أو يرفضه ومن ثم يحاسبه عليه عندما يقف بين يديه , ومن خلال هذا التفاعل الخاص تكون علاقة التدين الحقيقي والصادق.
إذا فهمنا التدين من خلال زوايا متعددة, ولو أعدنا النظر إليه كل مرّةٍ من مكان مغاير, فإنه لزاماً علينا أن نكون منصفين, وألا نُصدر أحكاماً قطعية على أساس أن إيمان (س) من الناس مجازفة؛ ومن المهم أننا لا نرفض ونقصي المشهد الآخر الذي يحض على الجماعة, بل نشحذه أن يكون أكثر صدقاً وإيماناً من خلال صدق مجيء الناس إليه وانخراطهم ضمنه.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *