[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

منذ بداية هذا العام ونحن نتلقى التعازي في شخصية إعلامية أو ثقافية. وقبل ان يبدأ العزاء وتخفف الآلام ونمتص أثر الصدمة، يأتينا خبر تعزية أخرى، ونمر بحالة عزاء جديدة، حتى عز السلاء واستمرت أحوال البلاء. صار الأمر الى حد يمكن فيه القول ان هذا العام في اليمن هو عام نكبة الاعلام والإعلاميين دون منازع. فهم إن لم تخفهم السجون والمعتقلات قضت عليهم نكبة حوادث الصراعات، والسيارات، والطرقات، وأخيرا قضاء الله وقدره لأمراض صعبة مستعصية من مكتسبات عصر الأغذية الفاسدة المكربنة او المغموسة بالأشعة.
لكن الأمر يبدو سيمتد بزخمه الى المنطقة، فها نحن نتبادل التعازي في أعلام أثرت في حياتنا وتاريخ نمونا الفكري مثل رواد الحداثة والتنمية كالقصيبي والسقاف، وتصبح كل التعازي بلا عزاء.
كان زميلي الإعلامي الذي يمر به اليوم دون أن يعرف إذا كان لا يزال له مطلع غد، قد قال لي مرة ساخرا، لماذا لا نجهز اكفاننا وصيغنا المفضلة للعزاء، والشكل الذي نرغب فيه أن يتم الحداد علينا ممن نحب، وربما اذا اراد احدهم ان يستخدم وفاتنا مناسبة لأي نوع من الاستخدام السياسي، فأن علينا أن نجهز له خير الصور الرزينة الحزينة التي يمكن بعد تكبيرها أن تخدم المناسبة.
ولم تكن سخريته قادمة من فراغ بل كان زميل له قضى عمره بين اروقة الادارات الحكومية والشؤون المالية للحصول على حقه في الدرجة الوظيفية والترقية المستحقة، ولم يكن الأستديوا والدورة البرامجية الواحدة بعد الأخرى تترك له وقتا كافيا لاستكمال الاجراءات فينتهي بالمواصلة في العمل دون مستحقات تغطي ظروف بيته واهله واولاده. فلما مات فجأة تفردت القنوات بالتعازي، وخرج الناس افواجا يحملون صوره في الطريق الى قبره، صور أخذت وقتا في الطباعة يحتاج حالة طوارئ لإنتاجها.
ولحقه موت الزميل الآخر فاختلف اتجاه السائرين في الجنازة لكن الصور ارتفعت فوق الكفوف وكأن هناك رسالة تقول لا أحد أحسن من أحد. كأنها مبارزة صامتة بين متصارعين مجهولين يحركون الدمي لكنهم لايظهرون على مسرح الحياة أو الموت المعلن.قلت لزميلي هل تظن إننا لو تجهزنا كذلك سنجد من يمتلك معنى لاستخدام وفاتنا لغرض سياسي لا نعرفه؟ لم تظهر عليه حالة يقين وبقيت الحال كما هي. الموت حق، لكن سخرية استخدام الأحياء له تستحق التأمل.
للنساء موت آخر :
عندما انتقلت المبدعة الموهوبة الممثلة ابتسام الحيدري الى جوار ربها، مرت جنازتها بحياء كحياتها المليئة بالتواضع والنكران للذات. وقبلها كانت قد انتقلت الى رحمة الله المذيعة والممثلة القديرة زهرة طالب فمرت جنازتها بصمت وكأن الموت ظلل كل لحظة بعد انطفاء الروح فانطفأت ارواح من كانوا يبدون انهم بجوارها.في موسم قطف الإعلاميين لا عزاء للسيدات.

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *