التطوير الكمي أو النوعي 2/2

• د. منصور الحسيني

[COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR]

الأسبوع الماضي كان العنوان يختص بالجانب الشخصي واليوم بالجانب العام، ومشكلة التطور لدينا أنها تهتم بالكم أكثر من الجودة وهنالك دليل صارخ على هذا الأسلوب وهو نظام المناقصات البائس والذي يعتقد من صممه ومن لا يزال يتمسك به أنه يستطيع الحصول على الكثير بالقليل فتجده يصرف أضعاف قيمة المشروع الرخيص لصيانته وكان بإمكانه دفع مبلغ أقل من هذا منذ البداية بتقدير النوعية وليس الكمية فقط.
من الأمثلة التي يشاهدها الجميع وتعكس نظرية الكم المتبعة، تجد أن بعض المسؤولين يعجبه أن يخرج للناس بأرقام كبيرة ومشاريع كثيرة ولكن عند التدقيق فيها تجد أنها لم تراعِ الجانب النوعي، فمدارس قيادة السيارات تخرج لنا كل يوم أعداداً كبيرة من حملة رخص القيادة ولكن عندما تشاهدهم في الشوارع التي لم يتدربوا على القيادة فيها تتأكد أنهم ليس لهم علاقة بقيادة المركبة ونظام المرور وهم السبب الرئيسي خلف ازدحام الشوارع والحوادث، ولكن المرور يعكس ارقام الخريجين والمبالغ المحصلة كإنتاج يفتخر به في حين أنه انتاج سبب الضغط والسكر للمجتمع وحصد بعض الأرواح وأتعب رجال المرور.
كذلك الحال في البلديات، فهم يفتخرون بعدد رخص البناء الممنوحة ورخص فتح المحلات والعائد المادي منها وفي الحقيقة تجد أن المباني تم الترخيص لها بدون التأكد من عدد مواقف السيارات وموقع العمارة الجغرافي، والمحلات انتشرت في الشوارع بدون خط خدمة مما يسبب ازدحاماً للشارع من وقوف السيارات أمام المحلات والجميع يكرر نفس الأخطاء.
أحد الأسباب الرئيسية في تفشي هذه الظاهرة، تأتي اللوائح كالمناقصات التي في اسمها تجد التدني، انعدام تقييم المسؤول النوعي والذي يبدأ عند تعيينه بوضع برنامج تتأكد فيه النوعية ويعرف أنه سيحاسب بناء عليه، لهذا تجد المسؤول يتجه حسب الثقافة المنتشرة للكم لأنه الظاهر ولا يبحث عن النوعية التي لن يسأل عنها وتتطلب درجة أداء أكثر جدية من الكمية.
لدينا أعداد مميزة من المبتعثين لديهم تخصصات تؤهلهم لتكوين هيئة رقابة نوعية تضع أنظمة لتطوير التخطيط والإنتاج ولها حق المراقبة والمحاسبة حتى لا تتم الرقابة وتنتهي القضية في أرشيف الجهة التي هي نفسها تفتقد للنوعية وتصبح هذه الهيئة من الكمية لأنها لم تقم بواجبها على الوجه الصحيح وإنما تكون قد أوجدت ليقال إن هنالك جهة رقابية، التحول من الكمي إلى النوعي يحتاج اعتراف بالمشكلة لكي يحسن التدبير فيحدث التغير.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *