[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد السرار‎[/COLOR][/ALIGN]

كلنا قد مررنا بهذا الموقف الذي ينسب فيه فعل مسيء إلى عرق بكامله وتحميل وزره اسم العائلة أو الأصل أو حتى لون البشرة. كلنا قد سمعنا احدهم يقول تصنيفات اجتماعية عجيبة في إشارة قوية أن السيء دائما متوقع من هذه الفئات وأن العمل الجيد يعتبر \”طفرة حضارية\” إن قام أحدهم به, بل إن الكثير يتحدث بغرابة عندما يرى ما يخالف توقعاته من تلك الفئات في مجتمعنا وكأنه رأى طائر العنقاء أو \”بيض الصعو\”.
إن التقسيمات الاجتماعية التي تقوم على الحكم المسبق والتي تنسب الأنظمة الاخلاقية لفئة كما تنسب الإخلال بتلك النظم لفئة اخرى بلا ادنى سبب سوى صرخة الولادة هي انظمة كانت قوتها في قرون ما قبل الإسلام والعصور الجاهلية التي رأت ان أفضل الطرق للتنظيم الاجتماعي هو بنسب الجيد للقوي والسيء للضعيف. ولو دققنا قليلا في حياة اولئك الذين يرون البشر من خلال أصلابهم وأصولهم وألوان بشرتهم لوجدت انهم بمقاييس القرن الواحد والعشرين عاجزين تمام العجز عن مواكب موجة التطور ولا يستطيعون التواصل من كل هذه المتغييرات إلا بتطويع ادواتها لخدمة جمودهم وتحجرهم. لا أعلم صراحة كيف يكتفي البعض بالفخر بشيء بديهي اكتسبه بالولادة والذي وضع مقاييس التميز فيه اجداده ولم يتفق معهم على هذه المقاييس سواهم ومن هم من فصيلتهم أما البقية ممن ليسوا \”هم\” فيسحقون لانهم لم يكونوا اولاد فلان أو من الصلب الفلاني.
الصراعات التي يعيشها مجتمعنا كلها مبنية على ما لايجب ان يكون فيه صراع, فالعرق والأصل ليس قراراً شخصياً يستطيع الإنسان ان يغيره متى ما أراد. أما الصراعات المذهبية والدينية في الطرف الآخر هي صراعات تتم بين معتقدات يدين أصحابها بها لله ولولا اعتقادهم بصحتها وإيمانهم بأنها طريقهم إلى الخلاص لما كانوا يؤمنون بها أصلا, لذلك يجب علينا أن نقفز على هذه الاختلافات وعدم وضعها محلا للخلاف إن كان لنا هدف بأن نكون شعبا منتجا ومجتمعا متماسكا يطمح إلى ان يضع بصمته على صفحات التاريخ. ماذا كسبنا من كل تلك الأموال التي صرفت أو الاوقات التي ضاعت او المجهود الذي بذل في تلك الصراعات؟ ماذا سيكون وضعنا لو كانت تلك المصادر تصب في العمل على البناء بكافة اوجهه؟
صراعنا وتنافسنا وفخرنا يجب ان يكون فيما يبني مجتمعنا, وتميز احدنا عن الآخر يجب ان يكون بمقاييس إنسانية تضعنا في ميدان المنافسة مع شعوب العالم اجمع. نتاجنا يجب أن يكون متقدماً بل يجب ان يكون مدلولاً على إنسانيتنا وعقولنا وميزتنا عن باقي الكائنات.قال جايمس راسل لويل \”قبل أن يجلعنا البشر مواطنين, جعلنا الله بشراً\”.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *