[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني [/COLOR][/ALIGN]

** يظل التشدد هو الوجه الآخر لـ «التنطع» والكلمة الاخيرة وردت في حديث نبوي شريف يذم المتنطعين (هلك المتنطعون. قالها ثلاثا) وبدون ادنى شك فإن للتشدد مترادفات في اللغة تعطي ذات المعنى (التكلف، الغلو، تجاوز الحدود …. الخ) وبهذا الفهم يصبح التشدد دلالة على وضع او اقامة الشيء في غير مكانه الطبيعي الصحيح.
** ان التشدد يقود الى تشدد اكبر منه بحيث يصبح الحال جبلاً من التشدد لا يمكن ان تستقيم به الحياة، وفي المقابل فإن التساهل – هو الآخر – يقود الى تساهل أكبر منه حتى يصبح الامر انفلاتاً من كل أطر وقيم ذات معنى حقيقي، ولذلك يبرز الوسط و»الوسطية» ليكون الملاذ الآمن والحصن المنيع بين طرفي معادلة «الغلو – التقصير» وهذا الخيار – أي الوسط – ليس خيار الهوى أو الرغبة، بل هو صميم الاسلام بنص القرآن الكريم «وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) وفسر الامام الشوكاني هذه الآية فقال : عدلاً.
** ولان من فطرة الاسلام العدل، فإنه بهذا العدل قد جمع كل مُثل الحياة، حيث نادى بإشاعة الاعتدال في كل مناحي أمور الحياة من مواقف وتصورات ومناهج. ويظل لجوء المسلمين الى هذا المعنى العظيم الاعتدال بمعناه الصحيح مدعاة الى ان يقدموا لأمم الارض هذا الدين العظيم في صورته الصحيحة والتي لا يمكن لأحد إلا أن يحترمها هذا إذا لم يدخل في دين الله الإسلام، وبهذا نكون – نحن المسلمين – قد منعنا الحجب الواهية عن ديننا، وأزلنا الغشاوة عن قيمته الروحية والانسانية ، وكفيناه مؤنة ان يقدح فيه الناس وهو براء من ذلك بدون أدنى شك.
** ولعلنا نتذكر فيما مضى من سنوات ماضية ليست بعيدة على مستوى مجتمعنا المحلي كيف تماهي عدد من ابناء جلدتنا وراء التشدد، وحملوا بذلك دين الله السمح ما لا يحتمل، عندما تصدوا لعدد من المسائل الخلافية فزادوا فيها وأكثروا حتى بدت وكأنها ثوابت لا يمكن الحيدة عنها، وأدى ذلك الى متاعب في نفوس الفريقين (المقررون والناكرون) ونشبت ملاسنات ومبارزات كلامية اخذت حيزاً من الفضاء الاجتماعي، في وقت كان يتوجب الانشغال بغيرها، مما هو أكثر عمقاً، وأكبر جدوى على الناشئة والناس جميعاً.
** والتشدد ليس قاصراً على اتباع المذهب السلفي كما يبدو للوهلة الاولى بل وحتى اتباع المذهب الشيعي لهم نصيبهم من التشدد، وكذلك الفرق الاخرى، كما انه مظلة ممتدة تصل الى الايديولوجيات الاخرى والاديان كالمسيحية بصورته الحديثة التي وصلت حدود زعمهم ان «المسيح ابن الله» وشابههم اليهود في بعض الصور، وكذلك – كمثال ما يؤمن به (المحافظون الجدد في امريكا من عقيدة التشدد في العداء ضد المخالفين في الفكر والعقيدة السياسية ، ونبذ التسامح والتعايش مع الآخر.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *