التسريبات المنتظمة والأهداف المنظمة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR][/ALIGN]
عندما تتسرب السوائل من الأنابيب يكون السبب دائماً من الأنابيب سواء لرداءة نوعيتها فلم تصمد أمام ضغط المضخات وترسبات السوائل وتفاعلاتها مع جدار الأنبوب مما تسبب في ثقبه أو يكون السبب سوء الاستخدام البشري مما قد يتسبب في كسر الأنبوب وفي كل الحالات يتم التسريب الضار لهيكل المبنى في حال المياه وللبيئة في الكيماويات وللحال والمال إذا كان التسريب سياسياً استخباراتياً. التسريب من أنابيب السوائل يحدث عند الثقب أو الكسر للأنبوب ويتوقف عند الإصلاح الذي يتم بسرعة فائقة، لكن التسريب السياسي والاستخباراتي يأتي متقطعاً منتظماً أو عشوائياً، ولهذا عندما تكون التسريبات منظمة بمواسم وأحداث مثل تسريبات (wikileaks) عندها نكون أقرب للتيقن بأنها تسريبات سياسية لها أهداف بمخالب.
التسريبات المنتظمة والمنظمة كما هو حال المخططات السياسية بعيدة المدى تختلف عن باقي أنواع التسريبات في أكثر من جانب، فجميع أنواع التسريبات تكون من مادة واحدة، ومحيط واحد وتخرج بدون تحديد لكل ما يسمح به الثقب أو الكسر من المحيط الذي في الغالب يكون أنبوباً، في حين أن التسريبات السياسية تكون من مواد مختلفة، ومواقع مختلفة وتخرج لك جزءاً من الحقيقة التي كانت في أنابيب السياسة بنظام فلترة مقنن بحيث يختلط على الجميع سبب التسريب أو أهدافه، كل التسريبات الأخرى غير السياسية قد تكون لعوامل مختلفة غير مقصودة أو متعمدة للضرر بمحيط التسريب وضياع ما تم تسريبه من مواد ولكن لن يكون له أي أهداف بعيدة المدى على مستوى العالم، في حين أن التسريبات السياسية المحترفة لها أهداف بعيدة المدى ومخططات تنفيذية تواكب التسريبات إلى ما بعد تحقيق الأهداف.
قد تشاهد تراجيدية تواكب التسريب توحي إليك أن الفعل كان بريئاً وحدث من شخص أو عدد محدود من المنحرفين الذين قد يتابعون قانونياً وتلاحقهم الشرطة الدولية وقد يزج بهم في السجن أو يتم قتلهم من قبل متطرفين من الجانب المتضرر، هدف هذه الدراما تفهيمنا أنه لايوجد خلف التسريبات دول أو منظمات تريد أن تفرض بعض الأجواء لتحقيق الكثير من الإغواء لكل الشعوب التي تتجرأ عليها، التسريبات السياسية تعتبر جزءاً من مسلسلات سينمائية ليس لها نهاية يؤديها عدد من الشياب والشباب من خيرة المنتجين المتمرسين الذين يجيدون اختيار المخرجين، الممثلين، الكمبارس وكذلك المسارح التي يتم العرض عليها على مدار الساعة وسبعة أيام في الأسبوع.
المسرون يعملون ويستثمرون وهذا اجتهاد يحق للجميع ومن يستخدم حقه لا يلام، ومن يترك العمل والاجتهاد لن تقوم له قائمة لأنه يعتبر من ضمن الناس النائمين، المشكلة أن العرب والمسلمين يمثلون في هذه المسلسلات أكثر المتفرجين بشغف، الممولين بترف وكثيراً ما يلجأ المخرج لاستخدام مسارحهم للعرض وهم قاعدون بل متسدحون على الأرض. نحن للأسف نفتقد روح الاجتهاد ونحترف الضعف وإشاعة فكرة المؤامرة، الشجب والاستنكار مع الدعاء على الكفار بدخول النار على أساس أنهم الفجار وليس منا من ينتج أخطر الأضرار.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا
التصنيف: