التردي الاجتماعي داخل المجتمع الإسرائيلي .. إلى أين؟

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]مجدي طه[/COLOR][/ALIGN]

تعتبر التحولات الاجتماعية عاملا رئيسيا ومهما في رسم السياسات المستقبلية وبناء الاستراتيجيات المهنية لكل مؤسسة حاكمة أو سلطة تتولى إدارة شؤون البلاد، فهناك علاقة طردية بين العوامل الاجتماعية والتحولات السياسية، وتعتبر التحولات في المجال الاقتصادي من أهم العوامل الأساسية في نسق المتغيرات الاجتماعية والتي تساهم في بناء سياسات وتحولات سياسية داخلية وإقليمية، وأشارت الدراسات المختلفة إلى هوية العلاقة والارتباط الجوهري ما بين الجانبين الاجتماعي والسياسي، لذلك تسعى الحكومات المختلفة قاطبة لمعالجة الجوانب الاجتماعية وسبر أغوارها في مرحلة التنافس الانتخابي من خلال الدعايات الانتخابية بحيث تتنافس الأحزاب فيما بينها وتضعها على رأس سلم الأولويات التنظيمية بعد تشكيل الحكومات، وتعمل جاهدة لتطوير وتحسين الأوضاع الاجتماعية على مختلف مشاربها، وذلك يضمن سلامة الحكومات ومستقبلها السياسي، فنجاح حكومة معينة بمعالجة القضايا الاجتماعية الساخنة يزيد من قوتها ونجاحها وبالتالي يزيد من فرص فوزها وثقلها السياسي أمام الرأي العام داخل المجتمع وذلك من شأنه أن يحافظ على التوازن السياسي والنسيج الاجتماعي داخل المجتمع نفسه.
يعاني المجتمع الإسرائيلي من ضائقات اجتماعية مختلفة، ولا بد من تسليط بعض الضوء على عدد من الإشكاليات التي تفاقمت بشكل تدريجي عبر السنوات القليلة الماضية وخلال فترة حكومة نتنياهو- ليبرمان الأخيرة ومنها؛ ارتفاع حاد في أسعار السلع والمواد الغذائية، غلاء في سعر الوقود التي عقبتها اضطرابات كبيرة ومسيرات ومظاهرات انتهت بعضها بأحداث عنف، فرض ضرائب مختلفة على العامل الأجير، رفع ضريبة الكهرباء، اضطرابات في المجال الصحي وما رافقه من إضرابات مستمرة لقطاع كبير جدا من الأطباء الذين عبروا عن استيائهم من الظروف المهنية والإجرائية، حملات احتجاجية طلابية ردا على محاولة رفع قسط التعليم العالي ووضع شروط ربحية في نظام التعليم العالي، إضراب محاضري الجامعات وعدد كبير من الأكاديميين المستاءين من ظروف العمل والرواتب مما أدى إلى هجرة قسم كبير من الأكاديميين ليلتحق بأماكن عمل في الخارج، إضرابات متتالية لعدد كبير من السلطات المحلية ردا على سياسة الإقصاء والخصخصة في الميزانيات، ارتفاع في أجور الشقق السكنية، وغلاء في سوق العقارات والأراضي وتغلغل شبكات الإجرام المنظم في عدد من البلديات الإسرائيلية، ارتفاع نسبة البطالة، الأجور المتدنية للموظفين في القطاعات المختلفة.
هذه بعض الظواهر الاجتماعية التي عانى منها المجتمع الإسرائيلي والتي من شأنه أن تكون دوافع كافية جدا لاندلاع أزمات داخلية وتصدعات في المركبات الاجتماعية والسياسية وبالتالي تقويض السلطة من الداخل أما عن طريق حل الحكومة الحالية وإجراء انتخابات مبكرة حيث تسعى بعض أحزاب المعارضة إلى ذلك .وقد هدد عدد من أعضاء الائتلاف الحكومي بالانسحاب وحل الحكومة إذا لم تتجاوب مع الضغوطات الشعبية، أو عن طريق أجراء تعديلات وزارية وإصلاحات تنظيمية سريعة تشمل جوانب حياتية وإنسانية شاملة ومعالجة الأوضاع الاجتماعية المتفاقمة، فالأوضاع الاقتصادية تزداد سوءا نتيجة لسياسات الحكومات الإسرائيلية مما دفع شرائح اجتماعية مختلفة إلى إعادة حساباتها والتفكير مجددا في أسباب ونتائج هذه التحولات، والسؤال المطروح هل تنجح هذه الاحتجاجات في تغيير سلوك الحكومات الإسرائيلية؟.
تعيش المؤسسة الإسرائيلية العديد من الأزمات ولعل أبرزها حالة الاغتراب وصراع الهوية وكل ذلك يؤثر على الأوضاع الاجتماعية ومن شأنه أن يؤدي إلى ولادة أزمات سياسية بين النخب الاجتماعية والسياسية التي تشغل مناصب في المؤسسات المختلفة، تتعامل المؤسسة الإسرائيلية بعقلية وإستراتيجية أمنية لتغييب الأزمات الداخلية التي بدأت تتكشف في ظل حالة الارتداد الثوري في الشرق الأوسط والتي أثرت بشكل مطلق على مختلف دول العالم . وفي الآونة الأخيرة ظهرت تحركات تنادي بضرورة تغيير الواقع والخروج على المفهوم الأمني العام الذي يستعمله السياسيون الكبار لتغطية عجز هذه الحكومات التي باتت لا تهتم إلا بتدابير عنصرية ضد الداخل الفلسطيني تاركة وراءها فجوات وتصدعات اجتماعية واسعة من خلال سياسة الخصخصة والتي أدت إلى تراكم في زيادة التصدعات البنيوية الاجتماعية . فقد أدت سياسة الخصخصة بتوسيع الفوارق الاجتماعية علما بأن المجتمع العربي يحتل المرتبة المتدنية الرابعة في المفهوم الاجتماعي الإسرائيلي بعد الاشكنازيم والسفاراديم واليهود الشرقيين.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *