التخطيط الاستراتيجي .. الضرورة والأهمية

• عبد الناصر الكرت

هناك من يقلل الدور الذي تقوم به وزارة التخطيط في الدولة . ويرون أنها لم تثبت وجودها بالشكل المطلوب , ويستدلون على ذلك بأن الأعمال والبرامج والمشروعات في بلادنا تغلب عليها العشوائية وانعدام التخطيط . وقد يكون لهم المبرر في حكمهم من خلال نظرتهم أو معايشتهم للواقع , فالاستراتيجيات تكاد تكون مفقودة وإن أعدت فهي على الرفوف داخل الملفات بعيدا عن التنفيذ . وقد نتفق معهم في تلك النظرة.. لما نشاهده عيانا بيانا!
فبعض الوزارات مع شديد الأسف تتغير استراتيجياتها وأعمالها ومنطلقاتها بتغير كل وزير وكأن فريق العمل مجند من أجل معاليه لا من أجل الأهداف الوطنية العليا التي قد تكون شبه غائبة. ومن هنا يبدأ الترنح ولا نقول التحرك والأمثلة كثيرة والأدلة واضحة .
والأمر ينسحب على معظم الوزارات فمع كل وزير جديد تبدأ الوزارة بخطط وطرائق وأساليب مختلفة ويصبح الهدف الأساسي إظهار عيوب من كان قبلهم وكشف أخطائهم ! ثم تبدأ التصفيات والتغييرات والتجديدات والترقيات وتعود الوزارة في مسيرتها من أول الطريق أي من حيث بدأ الآخرون . والمشكلة أن أفكارهم ومقترحاتهم الحديثة يتم تطبيقها بصورة سريعة وغير ناضجة بعيدا عن الدراسة الواعية . وبالتالي تنعدم الرؤية فتصدر القرارات والتعاميم المتسرعة في الغالب.. والتي تتغير مرة تلو أخرى في فترة زمنية قصيرة مما يوحي بأن المسألة مجرد صلاحيات تمارس على أرض الواقع .
وهناك من يعمل بمقولة أن الصلاحيات لا تعطى بل تنتزع ومع هذا الانتزاع غير النظامي تغرق الوزارات وإدارات العموم والإدارات في الأخطاء . وهي ليست دعوة لتكريس مبدأ المركزية ولسنا مع البيروقراطية الإدارية ولكننا مع الإدارة النابهة والمتجددة في التفكير والتي تغلب المصلحة العامة وتدرس أبعادها وتحرك كل أدواتها لتحقيق أهدافها المعدة بعناية فائقة في ظل استراتيجيات مرسومة من قبل خبراء من الداخل والخارج ونركز كثيرا على كلمة الخارج .. وذلك لاكتساب الخبرة الثرية ونقل التجربة الواعية والاستفادة من النتائج السابقة لاختصار الوقت والجهد والمال . وهو منطلق وطني على درجة من الأهمية .
لكن قد يأتي من يعصف بتلك المبادئ , فيظهر لنا خبراء من غير خبرة وعلماء من غير تجربة فتكون النتائج غاية في السلبية .
هذه الإشارات عن غياب الاستراتيجيات ليس في مجال واحد أو وزارة واحدة بل في أكثر المجالات والوزارات في الدولة , وكذلك إهمال تطبيقها- إن وجدت – واعتبارها مشروعات مؤجلة .
وكنا قد تناولنا هذا المحور من خلال لقاءات الحوار الوطني في فترة مضت للقناعة بأننا في بلد له من المقدرات والإمكانات ما يؤهلنا لمزيد من النقلات النوعية الإيجابية في كل جانب مع التخطيط السليم , والتوجه الصحيح .
فواقعنا يشير إلى أن النمو السكاني يتزايد بنسب عالية والأعمال والمشروعات تسير بصورة بطيئة في بعض الوزارات التي تعيش حالة من التخبط في كثير من الأحيان نتيجة لغياب التخطيط الاستراتيجي مما أدى إلى التأخر والتأخير الذي ندفع نتائجه بتعليم ضعيف ومستوى ثقافي متدن ووضع صحي واجتماعي ليس على المستوى المطلوب ومشروعات ضعيفة وإنتاجية ضئيلة وخسائر مرتفعة ومشكلات متعددة . والزمن لا يعود إلى الوراء أبداً .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *