التحول إلى الضد في رمضان ؟

• عبد الناصر الكرت

عبد الناصر بن علي الكرت
ما أن يقترب شهر رمضان من كل عام حتى تمتلئ أسواقنا بأصناف عديدة من مختلف الأغذية والمشروبات .. وبكميات كبيرة . يقبل عليها الكثيرون بشراهة وكأنهم كانوا – من قبل – صائمين عن الأكل والشرب . فلا تجد موقفا لسيارتك حول تلك الأسواق ، وإن دخلت فبالكاد تتحرك بين المتبضعين خاصة في الأيام الأخيرة التي تسبق الشهر . وإن نظرت إلى عرباتهم التي يدفعونها تجدها “متروسة” بأكثر من طاقتها بأنواع الأطعمة وكأنها ستنعدم بعد أيام قلائل ، يصطفون بشكل متكدس أمام الكاشيرات ولمدد غير قصيرة حتى ينتهوا من دفع الحساب بمبالغ كبيرة لينصرفوا إلى منازلهم بالغنيمة!
وربما عادوا مجددا وعبأوا عرباتهم لشراء ما فاتهم في جولتهم الأولى وبنفس الأسلوب . ولو ذهبت إلى المسالخ لظننت أننا نعيش أزمة أو كأن اللحوم مقطوعة من خلال التزاحم عند شراء الخراف والتسابق عند الذبح بمشاهد تدعو للدهشة والعجب!! ولو رآنا من لا يعرف الإسلام لتوقع بأن رمضان مخصص لزيادة الأكل وليس للصيام والذي من حكمة مشروعيته تجرع الجوع والإحساس بمشاعر الفقراء الذين يعيشون تلك الحالة باستمرار فلا يجدون ما يسد رمقهم في كثير من الأحيان . ليتحرك جانب الإحسان لدى الآخرين ممن أنعم الله عليهم من المسلمين تجاه أولئك المحتاجين والمعوزين .. لتكون المبادرة بأداء الزكوات وتقديم الصدقات بما يضمن التكافل الاجتماعي المطلوب .
لكن الانصراف إلى شراء الأطعمة بنهم يجعل تفكيرنا ينصب على تحقيق الشبع حد التخمة قبل التفكير في الصيام وما يحقق للنفس من هدوء وصفاء . وبالتالي يقبل شهر رمضان المبارك وينتهي وقد تحول كل شيء إلى ضده تماما ! فما يفوت في النهار يتم تعويضه في الليل بعدد وجبات أكثر تصل إلى درجة الإسراف وربما معظمها لا تفيد صحيا بل تتسبب في رفع معدل الدهون وزيادة الأوزان بما يتبع ذلك من مشكلات صحية .
كما يتحول ليلنا إلى نهار بحركة تجارية مستمرة طوال الليل وسهر متواصل من قبل بعض الأسر مع البرامج والمسلسلات والفكاهات حتى الفجر ونوم متواصل إلى قبيل المغرب من بعض الأفراد.
وتكثر المسابقات في الصحف والإذاعة والقنوات التي في الغالب تكون على حساب الوقت الأهم والتي تصرف الكثيرين عن تلاوة القرآن وتدبره إلى دخول المسابقات والبحث عن الإجابات والحرص على حل أسئلتها للفوز بجوائزها المغرية . علما بأن بعضها يدور حولها علامات استفهام كبيرة من قبل بعض العلماء الذين يرون عدم جوازها بل تحريمها كون المتسابقين هم من يدفع أكثر من قيمتها من خلال الاتصالات والتي شبهوها باليانصيب الذي يعد محرما بنصوص الشرع .
وبدلا من أن تكون أيام شهر رمضان أيام جدية وعمل نجد عددا من الموظفين يحولونها إلى أيام خمول وكسل فلا يؤدون واجباتهم كما ينبغي بحجة الصيام وكأن ذلك يجوز لهم التأخر والغياب وعدم إكمال أعمالهم وتعطيل مصالح الناس!
وزيادة على ذلك نرى أناسا تفسد أخلاقهم وتسوء طباعهم وتزيد مشكلاتهم وتكثر خصوماتهم معتقدين بأن الصوم يبرر خطأهم وسوء أفعالهم.
فكم نحن بحاجة لأن نعرف معنى الصيام وأحكامه وحكمته بمفهومها الدقيق وأن يكون ذلك دافعا لنا جميعا لعمل أفضل وحياة أجمل وتجارة أربح ليس في رمضان فحسب بل في كل الأشهر والأعوام.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *