البخل ومساوؤه المذمومة
البخل صفة من الصفات الذميمة والانسان اذا وصف بالبخل قد يقل اعتباره من قبل الناس ويكون مكروها لديهم من حيث ان البخل صفة سيئة، وقد ذكره الله في القرآن الكريم في الآية 180 من سورة آل عمران في قوله تعالى : (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شراً لهم سيطوقون بما بخلوبه يوم القيامة ولله ميراث السموات والارض والله بما تعملون خبير)، وفي الآية 27 من سورة النساء قال الله جل وعلا (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله) وفي الآيتين 75، 76 من سورة التوبة قال الله تبارك وتعالى (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لتصدقن ولنكونن من الصالحين) (فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون) وفي الآية 38 من سورة محمد قال الله سبحانه وتعالى (ومنكم من يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنت الفقراء) وفي الآية 24 من سورة الحديد قول الله تبارك وتعالى ( الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فان الله هو الغني الحميد).
وفي الآيات 8 ، 9 ، 10 ، 11 من سورة الليل قول الله عز وجل (وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسر للعسرى وما يغني عنه ماله اذا تردى).
ومن الأحاديث الواردة عن البخل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حديث ورد (خصلتان لا يجتمعان في مؤمن البخل وسوء الخلق) ومن حديث آخر انه قال (أياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا وامرهم بالفجور ففجروا، كذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم (البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي).
هذا ومما قيل من الشعر في البخل:
إن البخيل وإن أفاد غنى
لترى عليه مخايل الفقر
وقال شاعر:
لا يحمد البخل ان دان الانام به
وحامد البخل مذموماً ومدحوراً
هذا ومن أسوأ حالات البخل فقد قيل ان رجلا كان في الزمان السابق يوسف بالبخل الشديد وعندما كبر في السن وصار يعاني من بعض الامراض وايقن بأنه سوف يرحل من الدنيا اخذ يجمع من التراب الذي كان يوجد بساحة المسجد الذي بالقرب من منزله ويقول هذا تراب مبارك وسيجعله مع بعض من الطين ويعمل منه لبناً من أجل ان يكون ذلك اللبن على اللحد في قبره وكان اذا عمل لبنة جعل بداخلها مجموعة من النقود الذهبية ثم يضع ذلك اللبن في ساحة المسجد ويوصي اقاربه قائلا لهم اذا ادركته الوفاة ان يضعوا تلك اللبنات على اللحد في قبره ، وحينما توفي نقل ذلك اللبن ووضع على اللحد في قبره حسب وصيته وبقيت ثلاث لبنات في ساحة المسجد وبعد مضي مدة نزل مطر على المكان الذي فيه تلك اللبنات فذابت وتبين ما بداخلها من النقود، وحينما علم اقارب الرجل بذلك الشيء وتأكدوا بان رفاته قد جفت في قبره، فذهبوا الى المقبرة وحفروا القبر واستخرجوا ما كان يوجد من النقود التي كانت بداخل اللبن وقد كان اقاربه سيحرمون من ميراث ذلك المال بأسباب سوء البخل.
كذلك فقد قيل ان امرأة مسنة كان لديها مبلغ من الدنانير الذهبية وعندما احست بنزول الموت عليها صارت تجعل كل دينار في لقمة من طعام العصيدة ثم تبلع اللقمة التي بداخلها الدينار وقد لاحظ عليها طفل من اسرتها ذلك العمل فأخبر اهله بما حصل منها فتداركوا ما بقي من الدنانير ومنعوها من ذلك التصرف وحينما سألوها عن سبب ذلك العمل قالت اخشى ان يستولى زوج ابنتي على ذلك المال فيتزوج به زوجه اخرى على ابنتي ثم استخرجوا ما كان بداخل جوفها من الدنانير التي ابتلعتها بعد وفاتها، ايضا وعن البخل فقد قيل ان جماعة من البخلاء الذين بلغ بهم شدة البخل كانوا يتشاركون في شراء كمية من اللحم وكانوا يوزعونه بينهم بالسوية ثم يأخذ كل واحد منهم نصيبه من اللحم فيضع فيه قطعا ينظمها في خيط وعندما يتم نظم جميع قطع اللحم في الخيوط يضعون ذلك اللحم في قدر فيه ماء يغلي على النار وكل واحد منهم يكون ممسكاً بالخيط الذي فيه نصيبه من اللحم والذي يطبخ في داخل القدر على النار وبعد ان ينضج اللحم ويستوي يجذب كل واحد منهم الخيط الذي فيه قسمة من اللحم فيأكله ثم يتقاسمون مرقة اللحم فيما بينهم بالسوية.
ايضا ومما ذكر عن شدة البخل فقد سبق ان ورد في صحيفة الشرق الاوسط من ان رجلا يونانيا اوصى زوجته ان تدفع معه وسادته التي كانت لديه حين موته وكان بداخل الوسادة 300 ألف يورو وحينما علمت زوجته انه قبل وفاته قد سحب من البنك جميع ماله وان المال كان في داخل وسادته التي دفنت معه قامت الزوجة بمشاركة مع اقاربه بنبش القبر واستخرج المال من الوسادة.
وهذه الحالات التي ورد ذكرها آنفاً عن البخل كانت قد صدرت من بعض الذين وصفوا بالبخل في السابق وعن سوء تصرفهم من اجل شدة محبتهم للبخل وتعلقهم به والبخل قد سبق وان ألف فيه الجاحظ كتاباً اسمه البخلاء قد تطرق فيه عن الذين هم من البخلاء وعن قصصهم في البخل. هذا وبما ان البخل من الصفات السيئة لذا فان الامل بالله ان لا يكون للبخل وجوداً في الناس وان لا يذكر فيهم.
التصنيف: