[COLOR=blue]د. علي عثمان مليباري[/COLOR]

عندما نقرأ أخبارًا عن اعتماد منظومة مشاريع جديدة بمليارات الريالات، نستبشر خيرًا بلا شك، وهذا ما يحصل مع ميزانية كل عام عبر مشاريع الوزارات، لكن كم تكون الصدمة مؤلمة عندما تخرج تقديرات لمشاريع متعثرة متراكمة قيمتها تريليون ريال، لتصبح المملكة في صدارة قائمة المشاريع المتعثرة خليجيًا، وذلك حسب تصريح رئيس الاتحاد العالمي للتجارة والصناعة والاقتصاد بالشرق الأوسط، رئيس لجنة مواد البناء والتشييد بغرفة جدة الأستاذ خلف العتيبي لأكثر من صحيفة قبل أيام.هذا الرقم اللغز والمثير للتساؤل لابد أنه مطروح بقوة أمام الحكومة الرشيدة لعلاج أسباب هكذا تعطل وتعثر لمشاريع متراكمة خلال أعوم قليلة، لو تم إنجازها لأضافت مستويات نوعية للتنمية!!.
الإجابة نظريًا لم تتأخر من المسؤولين في أكثر من جهة رسمية، لكن عمليًا لم يتم حسم كل الأسباب، ولذا لا غرابة في تكرار التعثر بأرقام متغيرة تكشفها التقارير السنوية للأجهزة الرقابية وفي مقدمتها ديوان المراقبة العامة، والمعضلة هنا تكمن في أن الرقابة اللاحقة أكثر دقة، مقابل غياب أو ضعف الرقابة الداخلية بالوزارات خلال تنفيذ المشاريع.
بقراءة سريعة في الأسباب، نجدها عشرة عوامل حددتها تقارير سابقة لديوان المراقبة أبرزها: الإفراط في التعاقد مع مقاولي الباطن وضعف أنظمة الرقابة الداخلية وأجهزة المتابعة والإشراف، ودخول شركات مقاولات غير مؤهلة وتأخر صرف المستحقات، إضافة إلى عدم وجود أخلاقيات المهنة وعدم وجود إدارة ناجحة للمشروعات، فيما أرجعها الأستاذ خلف العتيبي إلى سلبيات تلك الإدارات في بعض الوزارات، وتقادم الأنظمة، وسوء الإدارة والإشراف الهندسي ونقص العمالة.
أما هيئة مكافحة الفساد \”نزاهة\” فلخصت الأسباب في إسناد مهمة الإشراف على بعض المشروعات لغير الأكفاء بغرض الاستفادة المادية، وغياب الجدية في تطبيق العقوبات على المصممين والمشرفين والمقاولين الذين يتسببون في تعثر المشروعات.
أيضًا.. الندوات والمؤتمرات الرسمية المهمة عن إدارة المشاريع تناولت هذا الأمر المهم وما يتعلق به من مشكلات وحقائق وأرقام وذلك إعمالا للمكاشفة والشفافية التي هي مفتاح التشخيص العلمي الصحيح لأي مظاهر إهمال أو فساد أو أسباب حقيقية.
ولكن بكل مرارة.. الواقع يقول إن البحث لايزال جاريًا عن (روشتة علاج) من أنظمة وقرارات وتنسيق دقيق بين مختلف الوزارات، مما يعني استمرار ظاهرة تعثر المشاريع، وبالتالي عدم الاستفادة المثلى من الميزانية العامة، وهذا لا يعكس مستوى طموح القيادة والمواطن، فمع اعلان كل ميزانية يبشرنا خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – بأرقام الخير مقرونة بالدعاء بأن تكون ميزانية خير ونماء، والتأكيد والتشديد على الوزراء والمسؤولين على العمل بجد وإخلاص لتنفيذ بنود الميزانية.. فلماذا وكيف إذن تتكرر تلك الأسباب والأعذار التي تضيع على الوطن والمواطن الاستفادة من مشاريع بــ (تريليون ريال)؟!.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *