(الانفصام) المصطنع بين السعودية والوكالات

Avatar

أعلم حق العلم أن خطوطنا العربية السعودية تسعى سعياً حثيثاً لتقديم أرقى الخدمات للمسافرين داخلياً وخارجياً وأنا أحد الكُتّاب القلائل الذين يركزون على ايجابيات خطوطنا ولا أسعى ابداً إلى تصيد بعض سلبياتها وفي حال وجود السلبيات فاني أشير اليها بلباقة لاني اعلم ان مسؤولي الخطوط يتقبلونها بصدر رحب ويفيدون منها في تحسين ادائهم . وهذه المقالة تشير الى بعض العوائق التي يواجهها الراكب في نظام جديد للتذاكر باتت تستخدمه السعودية في رحلاتها الداخلية بعد ان استخدمته في الرحلات الخارجية لسنوات، وهو نظام الدرجات المختلفة الذي لم يكن موجوداً مع الرحلات الداخلية ، فكانت اسعار الرحلات ثابتة ما بين المدن المختلفة سواءً حجز الراكب مبكراً أو قبل الرحلة بيوم او حتى في نفس اليوم.
وما يحدث الآن أن درجات السعر تختلف اعتماداً على زمن الحجز المبكر أو المتأخر وتتساوى في ذلك درجة الضيافة مع الاولى والأفق علماً بان فروق الاسعار في درجة الضيافة ليست مرتفعة على الاطلاق وقد لا تتجاوز اربعين او خمسين ريالا في التذكرة الواحدة ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في طريقة تحصيل هذا الفرق اذا غير راكب حجزه لاسباب طارئة بمعنى ان اتصل بموظف الحجز ووجد له مقعداً أو أكثر في رحلة أخرى، تم اخباره ان عليه ان يدفع فرقاً صغيراً في أحد مكاتب السعودية التي قد تكون مغلقة وقتها.
وقد يكون الوقت المحدد لدفع الفرق الخامسة صباحا مثلا وهذه الاوقات هي من الغرابة بمكان على كل الاحوال وينبغي اعادة النظر فيها بحيث يحدد النظام وقتاً ضمن الدوام الرسمي وليس في الثانية او الخامسة صباحاً.
وبالطبع فان “السعودية” وضعت حداً لهذه المسألة وهو ان يدفع الراكب باستخدام بطاقة الائتمان، علماً بان بعض الركاب ليست لديهم بطاقات ائتمان، اضافة الى عقبة اخرى تركز عليها هذه المقالة تحديداً هي ان نظام السعودية لا يقبل دفع الفرق ببطاقة الائتمان ان كانت التذكرة صادرة من وكالة سياحية بل على الراكب ان يقصد هذه الوكالة لدفع مبلغ قد لا يتجاوز اربعين ريالا مثلا وحدث لي شخصيا ان تكلفت عناء الانتقال من بيتي الى مكتب وكالة سياحية اصدرت تذكرتي والمكتب يقع على مسافة بعيدة وبعد وصولي أفادني موظف الوكالة ان الحجز الجديد لا يظهر عنده، وكان الحل الوحيد هو اجراء حجز آخر بتذكرة جديدة بالسعر الذي ينطبق على الرحلة التي أريدها وهو حجز وهمي بالطبع ثم اعادة الاتصال بحجز السعودية والانتظار طويلا لاعطاء الموظف رقم التذكرة الجديدة وهي معاناة مابعدها معاناة من أجل دفع مبلغ صغير كان يمكن دفعه ببطاقة الائتمان لو كان هناك ربط لانظمة الخطوط مع وكالات السفر.
أعود لأقول ان الراكب اليوم يعاني كثيراً من هذا الانفصام والانفصال العجيب بين السعودية ووكالات السفر وكأن كلا منهم يعمل في كوكب آخر، فتجد مكاتب السعودية ترفض التعامل مع اي تذكرة صادرة من اي وكالة وتحيلك اليها، وكذلك الامر في الوكالة التي اكد لي احد موظفيها (وهي الوكالة الاكبر في المملكة على الاطلاق) ان التصرف في اي تذكرة صادرة عن الخطوط السعودية يترتب عليه تغريم الوكالة مبلغاً طائلاً بآلاف الريالات . علما بأن التذكرة التي أردت التصرف فيها كانت تذكرة للخطوط السعودية أصدرتها تلك الوكالة وهي تذكرة حكومية تصنف على أنها : (Non Ref GTR Fare Gov) وهو نوع جديد من التذاكر لا يمكن تغيير خط سيره أو درجته أو تحويله ولابد من السفر بنفس الخط خلال ستة اشهر فقط وقد يقول قائل إن في ذلك نوعاً من الضبط والربط للتذاكر الحكومية وهي مقولة صائبة.
ولكن لابد من الملاحظة أن بعض المهمات الحكومية يتأخر صرف تذاكرها كثيراً الى وقت المهمة او بعدها في بعض الاحيان خصوصاً دعوات حضور الفعاليات الوطنية المهمة ويكون في بعض الاحيان خصوصاً دعوات حضور الفعاليات الوطنية المهمة . ويكون لزاماً على المدعو او المكلف بالمهمة ان يشتري تذاكره من ماله الخاص ليتسنى له الحجز في الموعد المناسب (ومعلوم كم هو شاق الحجز في الرحلات الداخلية عموماً وذلك كي يقوم بواجبه الوطني دون تأخير على أمل تصرف تذاكره لاحقاً ويستفيد منها اما باسترجاعها او اعادة اصدارها بخط آخر ولكن ابتداع هذا النوع الجديد من التذاكر اغلق الباب امام كل مدعو أو مكلف بمهمة واعلم عن بعض الزملاء الذين اعتذروا عن أداء بعض المهام او حضور بعض الفعاليات فائقة الاهمية بسبب عدم وصول تذاكرهم في الوقت المناسب.
الحل لهذه المشكلات جميعاً هو دمج نظام الخطوط ونظام الوكالات في نظام واحد او اتاحة الفرصة لكل طرف أن يتمكن من الدخول الى حجوزات الآخر وتذاكر الاخر وان لا يكون ذلك من المحرمات كما هو حاصل اليوم والهدف هو الربح المادي لا أكثر ولا أقل ولكن كل ذلك على حساب الراكب والراكب وحده وفي الرحلات الداخلية لا يتضرر الا المواطن السعودي فقط الذي يشتري هذه التذاكر من حرّ ماله وستزداد معاناته ولاشك طالما بقي هذا الانفصام المصطنع بين (السعودية) ووكالات السفر.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *