[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أحمد محمد باديب[/COLOR][/ALIGN]

عندما تتخذ الدولة قرارات تتعلق بالاقتصاد فإن مثلي رأسا يفكر بتبعيات هذه القرارات على الناحية الأمنية وذلك بطبيعة سنوات العمل الطويلة التي قضيتها في العمل الامني.
ولايختلف اثنان على أن الرخاء الاقتصادي يتناسب عكسياً مع التوجه نحو التطرف والارهاب فعندما يجد الناس لقمة العيش ويكون لديهم فائض من أموالهم فإنهم ينشغلون بالتمتع بها وتشغيل هذا المال فيما يعود عليهم بالسعادة.
أما عندما يجد الإنسان صعوبة في كسب لقمة العيش فإنه يتذمر من كل شيء ويبدأ بإحصاء اخطاء الآخرين حتى وإن لم تكن اخطاء، ويبدأ يحقد على من معه مال لأنه هو محروم وعندما يزداد الحرمان فإن هذا الشخص يلجأ إلى رجال الدين وللاسف ان بعضهم لديهم افكار وفهم خاطئ للدين ويكون سهل عليهم اقناع الناس بهذا الفهم طالما الناس في وضع اقتصادي سيئ.
واليوم ونحن نعيش فترة تضخم اقتصادي ناتج عن ضعف القيمة الشرائية للعملة نتيجة أن هذه العملة مرتبطة بالدولار الامريكي الذي يضعف كل يوم نتيجة ان امريكا تطبع تريلونات الدولارات التي لا غطاء لها وهذا لتصحيح مسار الاقتصاد لديها ولإنقاذ مؤسساتها الاقتصادية وصناعاتها التي تعاني الأمرين.
والحقيقة ان الدولار الامريكي لولا استمرار الدول النفطية على بيع وتقييم نفطها بالدولار لأصبح هذا الدولار لاقيمة له. وبطبيعة الحال فإن استمرار طباعة الدولارات بدون غطاء جعل الدولار يضعف ويستمر في الضعف وبالتالي فإن اسعار المواد الاولية والغذائية وغيرها ترتفع ، وقد اصبح سعر الذهب اليوم اكثر من الف دولار وهذا أكبر مؤشر على ضعف هذه العملة.
إن ضعف الدولار وارتباط العملة السعودية به هو اكبر سبب للتضخم. وهناك محاولات من المؤسسات المالية والاقتصادية لمحاربة التضخم ولكن هل هذه الحلول التي تضعها هذه المؤسسات صحيحة؟ وهل هذه الحلول لها نتائج ثانوية أم لا؟ وماهي نتائجها؟
أولاً: الحد من الصرف الحكومي من الداخل:
هذه إحدى الوسائل التي تستخدم لذا فكثير أو أغلب المشاريع توقفت والذي لم يتوقف هو معطى لشركات اجنبية. هذا الإجراء سيؤدي إلى ضرب للشركات المحلية وسيضعف النمو الاقتصادي الداخلي وستصبح هذه الشركات والمؤسسات غير قادرة على النمو وغير قادرة على توظيف السعوديين وقد تفلس بعضها لأن ليس لديها مشاريع او اعمال والمحظوظ منها قد يكون لديه اعمال بسيطة تعطيها له الشركات الاجنبية.
ثانيا: إيقاف البنوك من منح القروض
ولقد توقفت البنوك تماماً من منح القروض للشركات خاصة بعد مشكلة السعد والقصيبي وبالتالي حرمت الشركات من التمويل خاصة شركات التأجير وشركات بيع المعدات والسيارات حتى القروض الشخصية المتمثلة في الكروت المالية خفض هامش المبلغ إلى النصف تقريباً.
إن الذين وضعوا هذه السياسة ستؤدي الى الركود الاقتصادي القاتل فسوف تتوقف المشاريع للقطاع الخاص كبناء الوحدات السكنية وغيرها من مشاريع القطاع الخاص.
ثالثاً : سحب الأموال من السوق:
إن سحب النقد وتقليص كميته في ايدي الناس لمحاربة التضخم سيؤدي الى كارثة لأن هذا النقد هو الذي يحرك كل الاقتصاد سواء التجارة أو الصناعة او غيرها.وهنا سيكون الناس في النهاية بلا مال في ايديهم وكثير لن تستطيع الدولة تشغيلهم لأنه لا توجد مشاريع محلية وإن وجد فمن سيجد عملاً هم طبقة معينة.
إن مجمل الإجراءات لمكافحة التضخم لخفض الاسعار للاسف لم يصحبها اجراءات اخرى ضمان عدم دفع الناس لنهاية المطاف وهو التطرف والبطالة وبالتالي محاربة الدولة وإيقاع اللوم عليها لأن الناس ينظرون إلى الدولة انها غنية ودخلها كبير وهم فقراء عندها يفقد الناس ثقتهم في الدولة ويتهم المسؤولين بالفساد وتتفشى احقاد الفقراء على الاغنياء ويجد اصحاب الافكار المريضة التربة خصبة لنشر التطرف والارهاب.
وقد شاهدنا ما حدث في إيران في عهد الشاه عندما اغنى الدولة وطور الصناعة ورفع مستوى الاغنياء وقوى القوات المسلحة وزاد من قوات الامن .. الخ مع ذلك سقط النظام لأنه فقر القاعدة العظمى للشعب ولم يجد الناس حتى لقمة العيش. بالتأكيد أننا لم نصل وإن شاء الله لا نصل إلى ما حدث في إيران ولكن الحصيف من يعمل على اتخاذ القرارات السليمة التي لا يكون لها نتائج ثانوية اسوأ من التضخم.
إن فك ارتباط العملة بالدولار وعمل العملة الخليجية بشكل علمي وباستفادة من السوق الاوروبية التي سبقتنا لذلك وتشجيع المؤسسات والصناعات الوطنية واعطائها المشاريع وصرف الجزء الأهم من الاحتياطات في الداخل بدلاً من الاحتفاظ به على هيئة عملة اجنبية دائمة الانخفاض قد يكون مفيدا للاقتصاد بدلاً من الضغط على الشعب في الداخل وتجفيف الاقتصاد الوطني من العملة.
هذا راي يحتمل الصواب والخطأ وقد يكون هذا الرأي متأثراً بطبيعة عمل الكاتب السابق في الأمن ولكن أتمنى على المسؤولين عن دفة الاقتصاد دراسته وعدم عمل تجارب في الشعب قد نندم عليها وعلى نتائجها السلبية.
والله الموفق

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *