الاعتراض .. عندما يكون عافية

• بخيت طالع الزهراني

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

** أطرب كثيراً عندما اقراً في صحفنا المحلية أن الدفاع المدني مثلاً يحذر إدارة التربية والتعليم ، أو أن إدارة المرور تعترض على أمانة (…) أو أن الشؤون الصحية تشك في قرارات إدارة (…) وترفضها .. إلى آخر ما هنالك من قرارات تصدرها الجهات الرسمية بين فترة وأخرى، ترى فيها خللاً كبيراً أو حتى متوسطاً ولا توافق عليه ، وهذا هو المطلوب، بل هذا هو عين الصواب والعافية، لأن هذا مما يشعرنا كمواطنين بأن مديري المرافق الرسمية \” وهم مؤتمون على عملهم\” لا يرون بعض خطوات إخوانهم في الإدارات الأخرى صحية، أو أنها مخالفة للمصلحة وربما يصدر عنها سلبيات كبيرة، تضر المواطن المستهدف بالخدمة، وقد تلحق به الأذى.
** نعم قد يكون مدير الإدارة \”المعترضة\” صديقاً حميماً لمدير الإدارة الأخرى\” التي اعترض على قرارها\” ولكن الصداقة شيء، والمصلحة وحياة وخير المواطن شيء آخر، ولذلك فإن الناس ينظرون دائماً إلى قرارات الاعتراض هذه على أنها \” نواة\” خير لبناء المؤسسات الرسمية الفاعلة، أو لبناء \” دولة المؤسسات\” التي يكون لها أثرها وقوتها وقدرتها على الفعل والتفاعل ، ومتى زادت هذه الاعتراضات شعر الناس أن المجتمع بخير، ومتى قلّت كان العكس ، حيث إن الواجب ألا يكون للمجاملة أثر في حياتنا إذا ارتبط ذلك بحياة المواطن، وإلا يكون \” للطبطبة\” وغض الطرف موقع بين هذه الإدارة وتلك.
** أقول ماتقدم عطفاً على الخبر، الذي نشرته الصحف المحلية عندنا الأحد الماضي، بعد قيام الدفاع المدني في جدة، برصد 50 مدرسة مخالفة منذ بداية العام الدراسي ، من حيث اضافة حجرات إلى مبانيها لاتوافق أنظمة السلامة، إضافة إلى زيادة عدد الطلبة فوق الطاقة المتاحة، إلى آخر ماهنالك من مخالفات يرى الدفاع المدني أنها تهدد حياة ابنائنا الطلاب .. ولعل مثل هذا الاعتراض من الدفاع المدني، والذي أبلغ به إدارة الترية في جدة معيار وعي ، ومؤشر على تحمل المسؤولية، وأظن أنها بداية صحفة جديدة لنا كمجتمع مع التعامل \”المؤسسي\” الصحيح، الذي يجري في كل بلدان العالم المتحضر من حولنا.
** في بلدان العالم المتقدم لا يتوقف الأمر عندهم على مجرد الاعتراض فقط، بل إن القوم هناك قد قفزوا إلى خطوات أخرى لم نصلها نحن هنا بعد، مثل طلب ايقاع الغرامات على الإدارة الأخرى، لأنها قصرت في عدم المتابعة، التي نشأ عنها خلل يهدد حياة الناس، ويتم على ضوء ذلك الجلوس إلى القاضي بالمحاكم المدنية واصدار أحكام، تطال في بعض الأحيان رؤساء المرافق الرسمية، ويكون بسببها ابعادهم من سدة قيادة تلك الإدارة ، وكل ذلك يتم بروح حضارية عالية، وفي سلاسة لافتة، وبدون ثغرة للواسطات أو المحسوبيات أو \”حبّ الخشوم\”، بل إن من يتوسط يكون شريكاً في الجريمة، لأنه يتستر على خلل قد يؤذي المواطنين، والقضاء هناك هيئات مستقلة لا أحد يستطيع أن يؤثر عليه كائناً من كان، ولذلك نجح أولئك القوم في حياتهم، كما ترى عيوننا عندما نزور بلادهم، او كما نسمع من هنا ونحن بعيدون عنهم.
** ودعونا نتفاءل ونقول إن اعتراض هذه الإدارة عندنا اليوم على أختها الإدارة الأخرى، إنما هو بداية الطريق، وأول الغيث قطرة، ولعلنا نتدرج في هذا المسلك الحضاري، حتى نصل فيه إلى ما وصل إليه العالم الأول من خطوات فعالة لأداء الحياة اليومية الإدارية، وهذا ليس صعباً ولا مستحيلاً إذا خلصت النوايا، وتضافرت الجهود، وصار الوطن والمواطن فوق الجميع، وقد كفانا فيما مضى سكوتاً ومجاملة وقبولاً للواسطات.
وقفة:
فؤجئت كغيري من الزملاء الإعلاميين في جدة بخبر نقل خدمات الاستاذ أحمد الغامدي من مدير للمركز الإعلامي بأمانة جدة، إلى بلدية المنطقة التاريخية، وتعيين شخص آخر بديلاً له، والواقع أن زميلنا الغامدي من الكفاءات المشهود لها بالعمل الإعلامي الاحترافي الباهر، وله جهد بارز في تأسيس المركز الإعلامي، بل هو عرابّ المركز ، ولديه قدرة فذة على تسويق أخبار الأمانة وتقديمها للناس بشكل محترف، ولا نظن أن في انتقاله منفعة للإمانة، ولا للمركز الذي يضخ يومياً أخبار الأمانة، كأفضل مركز إعلامي بجدة، وقد كنت أتوقع بعد التشكيل الجديد لهرم الأمانة أن يتم إطلاق يد الأخ الغامدي ليعمل بشكل أوسع كما كان ذلك ايام الأمين الأسبق عبد الله المعلمي، حيث تلتقي الصحافة بالأمين بين فترة وأخرى، وترافقه في جولات ميدانية على مشاريع الأمانة، الأمر الذي يولد تفاعلاً أكبر بين الإعلام وأمانة جدة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *