[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد عبده[/COLOR][/ALIGN]

تعقيدات النفس البشرية ليس لها نهاية ، كما أن طاقاتها ليس لها حدود ، فالإنسان كائن يحمل في داخله مجموعة من الغرائز التي تظهر عند الضرورة دون أن يستدعيها أو يدرك أنها تسكنه أساساً . فيتحول من شخص أليف ومألوف ، إلى شخص عدائي كاره لما حوله في ثوان إذا لامست كبرياءه حركة أو كلمة ترجمها عقله بأنها استخفاف به أو تسلط عليه،دون انتظار لتفسير من الطرف الآخر ، ومعرفة المقصد حسب رأيه ونيته، فجهاز فك الشفرات تختلف برمجته عند كل شخص كاختلاف بصمات الأيدي.
وقد يحار الحاضرون من هذا الانقلاب المفاجئ في الشخصية المسالمة جراء حركة بسيطة في نظرهم أو عادية ، فيحاول البعض تعنيفه على ردة فعله ، والبعض مراضاته ، ولكن دون جدوى ، ومهما حاول الطرف الثاني توضيح نيته أو مقصده من كلامه فلن يجد أذناً تصغي إليه،إلا إذا استخدم وصفة الاعتذار سريعة المفعول ، فكلمة \”آسف\” تعمل عمل السحر في نفس الإنسان وتخفض من نسبة انفعاله بسرعة خيالية،إذ تعطيه إحساساً بأنه استرد ما سلب من كرامته أضعافاً مضاعفة .
والاعتذار بحد ذاته له درجات مختلفة باختلاف حجم المشكلة نفسها وبيئتها،فاعتذارك لطفلك ربما يكلفك شراء لعبة جديدة ، بينما اعتذارك \”للحبيب/ة\” قد يكلفك اعتصار خيالك وذاكرتك لتبحث عن أجمل الكلمات التي يمكن أن \”ترضيه/ا\” بها ، وهكذا تختلف المراحل إلى الأخ والصديق والجار،ولكنه في كل الأحوال يكون الحل النهائي للخلاف على مستوى الأفراد في مسائل سوء التصرف أو سوء الفهم .
ولكن خيالي الواسع لم يكن ليتصور يوماً أن الاعتذار يمكن أن يحل مشاكل الدول والأمم،في أخطاء تتعدى مسألة المساس بالكرامة عبر حركة أو كلمة جارحة،إلى أخطاء تصل إلى حد سفك الدماء،حتى ألهمني بذلك الرئيس التركي الذي يرتدي هذه الأيام عباءة القوي الأمين،في حال ضعف القادة العرب،واشتياق الشعوب إلى قائد يرد لها بعضاً من كرامتها المهدورة،ألهمني بسعيه وراء الحكومة الإسرائيلة،مطالباً بالاعتذار عن مقتل تسعة أرواح قتلوا مع سبق الإصرار والترصد،وهو يطالب فقط بالاعتذار ولكن بلكنة أقوى. \”شيء خير من لاشيء\”..
ياللاعتذار عقار في متناول الأيدي يعالج كل مشاكلنا النفسية والسياسية ، ونعجز عن استخدامه ، وطلبه حتى !!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *