الاستلهام المتبادل للثورات العربية
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد جمعة[/COLOR][/ALIGN]
لعقود عدة, مثل الشعب الفلسطيني النموذج الأكثر حضورا للصمود بين الشعوب العربية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وعنوانا لإرادة المقاومة, خاصة من خلال انتفاضتين طويلتين، بل إن الفلسطينيين هم أول من قدم إلى العالم تعبير انتفاضة العربي.
حتى إن كلا من ثورة الشعب التونسي وثورة الشعب المصري أطلق عليهما في أيامهما الأولى مسمى الانتفاضة وذلك في استلهام واضح للتجربة الفلسطينية.
لكن المفارقة اليوم أنه بينما يضرب تسونامي الثورات الشعبية العديد من الساحات العربية, يبقى الفلسطينيون بالكاد مرئيين هذا في الوقت الذي يفترض فيه أن كل أسباب الثورة متوافرة في السياق الفلسطيني, فهناك انسداد مسار التسوية, واصطدامها بالعقبات الهائلة التي باتت تنسفها من أساسها بعد مرور عقدين من الزمن على انطلاقتها منذ مؤتمر مدريد عام.1991 ناهيك عن أن المشهد الفلسطيني الراهن تجتمع فيه كل مظاهر الجمود التي تستوجب الحراك من أجل التغيير.
في ظل تلك المعطيات يثار التساؤل حول سر تأخر الشعب الفلسطيني عن غيره من الشعوب العربية, رغم أن القراءة الشعبية للثورات والهبات العربية يفترض أنها تنقل الفلسطينيين من الإلهام الفردي المستوحى من قدرة الفرد على كسر حاجز الخوف, إلى الإلهام الجماعي المستوحى من قدرة الشعوب على صنع التغيير. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى بعض التحديات التي تواجه الحراك الشعبي الفلسطيني وتؤثر في مستوى تطوره وتأثيره, وعليه يمكن الاستنتاج أنه بينما شكل كل من فيس بوك وتويتر ووسائل التواصل الاجتماعي الجديدة أدوات فاعلة للمحتجين في عدة دول عربية, لتجاوز أجواء سلطاتهم القمعية وتنظيم نشاطات معارضة لم يسبق لها مثيل, لعبت نفس تلك الأدوات الإعلامية الجديدة دورا مختلفا في السياق الفلسطيني, حيث شكلت متنفسا للاحتقان بدلا من تعبئة الجماهير للثورة وإحداث التغيير المطلوب فلسطينيا.
هذا التباين والتعدد, الذي يعكس درجة عالية من الاختلاف بين الشباب الفلسطيني في الأولويات والرؤى والشعارات, لا يمكن اعتباره شرا مطلقا, بيد أن استمراره لفترة أطول من اللازم عبر الاستمرار في تشكيل المجموعات وتفريخ بعضها مجموعات جديدة بين فينة وأخرى, أدى في نهاية الأمر إلى نتائج سلبية, أبرزها تفتيت جهود الآلاف الموزعين عليها, وبعثرة الدعوات إلى نقل الحراك من الواقع الافتراضي حيث شبكات التواصل الاجتماعي, إلى الواقع الفعلي حيث الشارع الفلسطيني, من خلال دعوات متعددة إلى تظاهرات سلمية ذات مواعيد مختلفة, وأهداف وشعارات متباينة.
التصنيف: