الاختصاص والهجرة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد أحمد الشدي[/COLOR][/ALIGN]
لعل ما سوف أطرحه يجسد بعض المشاكل القائمة في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة معالجة مشكلة الهجرة المتزايدة من القرية الى المدينة ومشكلة الهروب من الوظيفة الى القطاعات الأهلية. هناك مشكلة خطيرة ثالثة يزداد حجمها وتحتاج الى اجراءات سريعة وفورية.. وأعنى بها مشكلة اللااختصاص والهامشية.. كيف؟
المجتمع في أي أمة عبارة عن تركيبة متنوعة من الأفراد تعمل وتتحرك في نطاق المسؤولية والواجب حسب القدرات والكفاءات والمواهب والمهارات على اختلاف صورها وينتج عن هذا التعاون بناء متكامل اسمه المجتمع.
لكن المشاهد في مجتمعنا هو ان التركيبة المشار اليها تسير في خطوط متعاكسة تجمد حركة المجتمع وتمنعه من السير الى الامام.
فمثلاً غير سليم اطلاقاً ان يتحول الصيدلي الى شاعر أو فنان. وخريج المدرسة التجارية الى كاتب صادر ووارد والمهندس الى بائع خردوات. والحلاق الى طبيب والاديب الى صاحب مكتب عقاري.. ان مثل هذه الحركة الخطيرة غير العادية اضافة الى انها تربك المجتمع وتترك فيه فجوات واضحة فإنها تتيح الفرصة للفوضى الوظيفية والعملية والمهنية لتهدر طاقات المجتمع وتشله وتعطله الى أبعد حد.
إن هذا تقصير في المسؤولية، الموظف موظف والأديب أديب والميكانيكي ميكانيكي ومثل هذا التنظيم يوفر للمجتمع الخدمة المطلوبة والاكتفاء، فنحن في عصر التخصص، عصر التكامل في كل شيء.
أليس عجيباً ان تكون أمنية الجيولوجي ادارة شركة وأمنية السباك أن يكون مقاولاً والاديب أن يكون تاجراً.. ما الفائدة من التخصص وما فائدة المجتمع من هؤلاء في غير مواقعهم الحقيقية.
تنفق الدولة أموالاً طائلة على ابنائها لتوفر الكفاءات والمهارات والتخصصات للمجتمع ثم نفاجأ بنتائج سلبية وليس هناك أسوأ من المواطن الذي يخون وظيفته ويبخل بقدراته على الوطن وابنائه طمعاً في المردود او المكتب الفخم او الكرسي الوثير.
والمثال القريب على عدم الاستفادة من التخصص هو الممرضات السعوديات اللواتي انفقت الحكومة على تدريبهن وتأهيلهن الشيء الكثير ولكنهن الآن يعشن في هامش الوظيفة الاساسية دون ان يكون هناك نظرة لأوضاعهن المجمدة حيث لا تقدير ولا ترفيع ولامسؤولية ولا صلاحيات.. فعلى من يقع اللوم اذا لم يكن هناك ممرضات سعوديات مستقبلاً لسد حاجة مستشفيات بلادنا لهذا النوع من الخدمات الإنسانية؟!
التصنيف: