الابتعاث الداخلي ومسؤولية الجامعات الأهلية
[COLOR=blue][ALIGN=LEFT]شهوان بن عبد الرحمن الزهراني[/ALIGN][/COLOR]
في مقالتين سابقتين بهذه الصحيفة الغراء كتبت عن الابتعاث الخارجي ، وتمنيت على وزارة التعليم العالي أن تولي تطوير التعليم في جامعاتنا عناية كبيرة واستثمار الأموال الباهظة للابتعاث في تحسين وتطوير وتحديث وتنويع مناهج التعليم العالي في المملكة لمواكبة متطلبات العصر وما يتطلع إليه أبناء هذا البلد .
ولعل صدور قرار مجلس الوزراء يوم الاثنين الموافق 3/2/1431هـ والمتضمن : \” إعادة ضوابط البعثة وتشجيع الطلاب على الالتحاق بالجامعات والكليات الأهلية والتعليم الموازي بالداخل على أن تتحمل الدولة رسوم 50% من المقبولين بالجامعات والكليات الأهلية لخمس سنوات . لعل هذا القرار يعيد الهيبة والثقة للتعليم العالي بالمملكة سواء الحكومي أو الأهلي . وهذا القرار يصب في مصلحة الوطن ، ويدعم مسيرة التعليم والارتقاء به وتطويره بما يحقق الأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى . فالابتعاث الخارجي بأعداد كبيرة وفي تخصصات عديدة يشوبه بعض السلبيات . والاعتماد عليه دون تطوير التعليم الداخلي يجعل الارتقاء بالوطن أمراً في غاية الصعوبة ، ومرهون بعوامل أخرى لا تتحقق بالابتعاث الخارجي. فيتأخر نمو التطوير والتحديث في مسيرة التعليم العالي ، ثم أن الأمر يدعو إلى تساؤل مهم فإلى متى يتم الاعتماد على الابتعاث الخارجي ؟ أليس من مصلحة التعليم أن يتم استحداث آليات وأساليب للتطوير تنبع من الداخل.
إن من يرى وجود إيجابيات مطلقة للابتعاث الخارجي ويستحسنها ، فإنه يغفل عن أشياء كثيرة وسلبيات عديدة ، ليس أقلها بقاء التعليم العالي لدينا دون تطوير أو تحديث.وليس أدناها أن تهدر كثير من الأموال لحساب الأفراد المبتعثين دون عوائد تذكر على المجتمع . ومعلوم شرعاً وعقلاً أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة ، ومن هنا نجد أن قرار مجلس الوزراء تتجلى فيه مراعاة وجه المصلحة الوطنية العامة ، وتبرز فيه بجلاء مكاسب كبيرة وتتحقق من خلاله أهداف عظيمة عديدة ، تعود بإذن الله ? بفوائد جمة على مسيرة التعليم في المملكة . ولهذا فتحفيز الطلاب على الالتحاق بالجامعات الأهلية والتعليم الموازي بالداخل هو أمر يصب في مصلحة الوطن والمواطن معاً . وفيه من الإيجابيات والمنافع ما لا يخفى على عاقل . ولعل من تلك الفوائد والمكاسب على سبيل المثال لا الحصر .
أولاً : أن هذا الاتجاه في الابتعاث الداخلي يحقق دعماً غير محدود لميزانيات الجامعات الأهلية ، يمكنها من القيام بأعباء التكاليف التي تتكبدها في سبيل الاستمرار في أداء رسالتها تجاه الوطن .
ثانياً : الابتعاث الداخلي يوفر للطالب البيئة المناسبة والصالحة لحفظ عقيدته ، وعدم تأثره بما قد يشوش عليه صفاءها ، وبخاصة في الدول غير الإسلامية ، مما يجعل المبتعث يعيش هناك غربة روحية ، قد تؤثر عليه في تحصيله العلمي .
ثالثاً : أن الابتعاث الداخلي وتحمل الدولة تكاليف ذلك يخلق التنافس بين الجامعات الأهلية في وضع الاستراتيجيات اللازمة لاستقطاب الطلاب ، وإحداث نقلة نوعية وكمية في مناهج التعليم وتنويعها وتحسينها .
رابعاً : أن هذا الاتجاه يكون من نتائجه الإيجابية المحافظة على مستوى معين من القوة الاقتصادية والدخل القومي واستثمار الأموال الوطنية داخلياً ، فالمبالغ التي تصرف للمبتعثين سواء للرسوم الدراسية أو مصاريف شخصية لهم من شأنها أن تتآكل ميزانية التعليم العالي وتذهب للخارج دون عائدات على التعليم داخلياً بصفة خاصة والاقتصاد الوطني بصفة عامة ، ولا شك أن المحافظة على هذه الأموال وإعادة تدويرها داخلياً دعم للاقتصاد الوطني وهدف ينبغي عدم إغفاله .
خامساً : سيكون من الثمار الإيجابية لهذا الاتجاه أن الجامعات الأهلية ستقوم بوضع الخطط اللازمة لاستحدث كليات وتخصصات نادرة ومطلوبة في سوق العمل تحفز الطلاب للالتحاق بهذه الجامعات ، ولا يتحقق لها الاستحواذ على أكبر قدر من عدد الطلاب المبتعثين داخلياً إلا إذا كان لديها تخصصات نادرة ومطلوبة ومعايير عالمية في نهجها وأساليبها .
سادساً : هذه الخطوة ستساعد الجامعات الأهلية في تمكينها من التوسع والتطور في منشآتها وأجهزتها ووسائل التعليم فيها بصفة عامة وفق أعلى المستويات والمعايير العالمية.
سابعاً : أن توفر الموارد المالية للجامعات الأهلية من خلال هذا الدعم يساعدها في جلب أعضاء هيئة تدريس على مستويات عالية جداً ومن خيرة الكوادر في الجامعات العالمية ، وتبادل الخبرات والمعلومات فبالمال يمكن صنع المعجزات . وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية خير مثال على ذلك . إن المسؤولية الآن تقع على الجامعات الأهلية وبرامج التعليم الموازي خاصة في النهوض بمهامها وتنويع تخصصاتها وفق معايير عالمية بعد توفر الدعم المالي لها.
اللهم أحفظ لوطننا أمنه ورخاءه تحت ظل القيادة الرشيدة
ص.ب 14873 جدة 21434
فاكس : 6534238
التصنيف: