ليلى عناني

حشرة صغيرة رأيتها تدخل بين أوراقي وتختفي بين سلك دفاتري أخذت أراقبها وهي تخرج من جهة غير التي دخلت منها وكأنها تائهة. فطاولتي المكتظة بالأوراق والكتب قد أفقدتها التركيز والهداية لطريق العودة, كانت تنتقل من دفتر لكتاب ثم تختفي ومن ثم تظهر مرة أخرى، وكانت الأشجار الباسقة من حولي تتطاير أوراقها وتسقط لتشكل طبقة صفراء بين مساحات خضراء رغم حرارة الجو وكأن الخريف يقحم نفسه في نفس موعده عازماً على ألا يخلف تاريخ قدومه ولا تُشكل الحرارة لديه أي عائق. ثم توقف تفكيري فجأة عند الإنسان خاصة المغرورين من الناس بعدما وقعت عيناي على النجيلة الخضراء تحت قدمي والتي كانت تحيط بجزء كبير من المكان تصورت الأشخاص الذين يملأ الغرور قلوبهم والذين قد غيرتهم ثرواتهم بعدما ألبستهم ثوب التبذير وأسكنتهم في أبراج عاجية صنعوها بخيالهم فقط وهي أوهن من خيوط العنكبوت لا يدرون أن هذه الشبكة المكشوفة يمكن للكل رؤية ما خلفها، الغرباء قبل الأقرباء كيف للتكبر أن يسكن قلوبهم ومشاعرهم نحو من يعرفونهم جيداً. كان تفكيري يلهمني في أحيان كثيرة بأن أكتب عنهم لعلني أنتشلهم مما ينتظرهم يوم الحشر فالمتكبرون \”سينبتون كالزرع ويُدهسون بالأقدام\” هكذا أخبرنا خاتم الأنبياء.. هل هم يعلمون ذلك ليتوبون قبل أن ينشب الغرور مخالبه في نفوسهم وقلوبهم وعقولهم قد يكون من السهل العودة إلى النفس الطيبة التي جبل الله عليها الإنسان بفطرته وقد يكون من الصعب أيضاً التخلص منه فقد ترك بصمات لا يمكن إزالتها بسهولة فمن كان يحبهم من قبل أن تُعمى بصائرهم قد تحول عنهم ولا يذكر عنهم غير نفوسهم المريضة فقط والتي ترفعها وتخفضها الماديات ولا تهتم إلا بالمظاهر التي كرهتها الديانات فهي مظاهر سلبية لا تعود على أصحابها إلا بالأضرار البليغة التي لا ينفع معها إلا التوبة.
همسة: ما الإنسان إلا كائن ضعيف خُلق من تراب يعيش فوق كوكب الأرض التي تسبح في الفضاء لا يختلف عن تلك الحشرة الصغيرة التي يمكننا أن نقضي عليها بأبسط الوسائل وأسهلها. فلن يفيد الكبر صاحبه.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *