الإلحاد السيبروني
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن آل فرحان[/COLOR][/ALIGN]
واقعنا اليوم ليس كحاله قبل عقدين من الزمن حينما كانت الحياة ضيقة لا تتجاوز الحي وحدود القرية .. وما وراء هذه القرية يكتنفه الغموض وعتمة الإدراك ، حينها لم يكن هناك مجالاً لأي اختراق ممكن لمنظومة الأفكار المجتمعية المتوراثة من جيل أسلافنا إلي جيلنا ، فما يسمعه الفتى أو الفتاة منا في بيته يتكرر عليه في بيت جاره و في الجامع وفي المدرسة وفي كل مكان قد تسمح به تلك المساحة الجغرافية الضيقة ، أما اليوم علاوة على البيت والجامع والمدرسة فهناك الإنترنت الذي فتح الدنيا على مصراعيها ..وبلمسة سحرية يتمكن الطفل الصغير أن يدلف لتلك العوالم بمنتهى السهولة ليغدو وعيه الغض مصباً لكل الأفكار ، المألوف منها والمنبوذ ، فإن تصادف هذا مع وعي طفولي فارغ كان لزاماً عليه الإذعان لدلالات تلك الأفكار التي ربما قد توقعه في متاهات عاصفة وتيارات فكرية جارفة ، أو ربما آلت به إلى ما هو أشد تنكيلاً بالمنظومة الفكرية والأخلاقية على المستوى البشري كالإلحاد ..موضوع مقالي هذا .
( هل يوجد إلحاد في السعودية ؟ ) ربما ترون السؤال غريباً نوعاً ما .. وأجزم بأنه لو تم توجيهه لي قبل ظاهرة ( الفيسبوك ) لأجبت بالنفي قطعاً . إنما من يتعمق في هذا الموقع ستتجلى له بعض الإرهاصات الإلحادية إما بشكل فردي أو على هيئة تجمعات ( جروبات ) تدار بعضها من قبل سعوديين استناداً لـ ( بروفايل ) أكثرهم ، ما يعني أن الإجابة على السؤال السالف هي نعم .. حتى لو لم يكن ملموساً في الحياة الواقعية ، فالفضاء السيبروني يكفي ليكون جديراً بدق النواقيس .
ما يهم الآن ليس في الاعتراف بالإلحاد أو إنكاره .. وليس في حجب المواقع التفاعلية الاجتماعية أو تركها .. إنما في كون شبابنا بجنسيه هم حطب تلك الجروبات .. فما الذي طرأ حتى آلت الأمور لهذا المستوى المتقدم من التدهور ؟ في نظري أن المشكلة تكمن في عدم استحضار المجتمع السعودي إلى الآن مفهوم اختلاف العصر الرقمي عما سبق من عصور ، فالوعظ في العصر الرقمي ليس كالوعظ في العصر الخطابي ، والتربية في العصر الرقمي ليست كالتربية في العصر التلقيني ، هذا من جانب .. ومن جانب آخر لا يمكن تجاهل الدور الذي يلعبه غياب الحوار داخل الأسرة في ظل انشغال أكبر مكونين لها وهما ( الأب والأم ) فالحوار الحميمي داخل الأسرة يسهم بكل تأكيد في ردم هوة الفراغ الغيبي داخل العقل الغض ، إذ من الخطأ الاعتقاد أن ما يتوارى خلف الوجود لا يشغل بال الصغار ، بل إن العديد من الأبحاث المتخصصة أثبتت أنهم في مرحلة المراهقة يكونون أكثر شغفاً بتحري الأبعاد الغيبية ، ومن الطبيعي إن لم يجدوا ما يشبع ذلك الفضول في البيت أو في المدرسة بحثوا عنه في مناطق أخرى كالفيسبوك ، لذا أعيدوا فتح كل منافذ الحوار داخل البيت مهما علا سقفه واضطرمت سخونته قبل أن تبتلع جروبات الفيسبوك أبناءكم .
@ad_alshihri : by twitter
التصنيف: