الإعلام المسؤول والتحديات الاقتصادية

Avatar

[COLOR=blue]أ.د علي عبد الله آل إبراهيم [/COLOR]

المتفحص للواقع الإعلامي في الوطن العربي، يجده أنه في مواجهة تحديات اقتصادية عديدة ، ألزمته التعامل معها، ووضعته في فوهة مشكلتين أساسيتين هما : الضوابط الأخلاقية والمهنية ، الواجب الإلتزام بها، والتي تجعل منه اعلاماً حراً ومسؤولاً، وكذلك ممارسات غير مسؤولة تلزمه أن يتعامل معها أحياناً، من جراء ضغوط المعلنين، والممولين أصحاب الأجندات المشبوهة ،والعطاءات المشروطة والمرتبطة بمصالح خاصة، قد تخالف المعيارية والمرجعية الأخلاقية في الممارسات المهنية. واليوم، أصبحت الساحة الإعلامية واضحة وضوح بين لا لبس فيه. ونرى كيف تتبدل جلود الكثير من الإعلاميين، والمؤسسات الإعلامية، بين ليلة وضحاها ، وتنتقل من اليمين إلى اليسار دون أي إحراج أو خجل. وبالتالي، أصبح ضرورياً أن يكون للإعلام وممارساته، معياراً مرجعياً أخلاقياً.
لقد بدأ تدوين أخلاقيات العمل الإعلامي ومواثيق الشرف، وقواعد السلوك المهنية للمرة الأولى، في بداية العشرينات من القرن الماضي، وهناك الآن أقل من 50 دولة فقط من بين 200 دولة في العالم، لديها نظم متطورة في الاتصال الجماهيري ذات مواثيق لأخلاقيات المهنة تؤثر بشكل فعال على القائمين بالاتصال ،أو تحمي التدفق الحر الإعلامي. فالإعلام كمهنة تقوم على أسس من الأخلاق ،واجب التحلي بها لكل فرد يمتهنها.
وتتلخص اخلاقيات الإعلام المسؤول كما عرفها علماء الإعلام في أدبياتهم فيما يلي:
1- الصدق: هو الدافع لأدبيات التعامل مع (المادة) الإعلامية، فالحقيقة هي المحور المحرك للإعلامي، والوصول إليها ليس عن الطرق الملتوية ولا القصيرة المشوبة، بما يخدش دقتها وصدقها وواقعيتها، بل يمكن الوصول إليها عن طرق صعبة ولكن سليمة تكون مدعاة السرور وجلب الاطمئنان إلى التميز ومقارنة العمل من شخص إلى آخر في مجال المصدر صحيفة كانت أو إذاعة أو تلفازاً، ذلك لأن الوسائل الإعلامية تسعى إلى الوصول إلى الحقائق عند الناس أو في واقع الوقائع ضمن بيئتها وزمانها، ولأن الحقائق ليست دوماً في متناول من يريدها فلابد من الوصول إلى مصدرها بشتى الطرق وفي ذلك جهد ومشقة.
2- احترام الكرامة الإنسانية: مما يقتضب عرض الأخبار والصور بما لا يمس هذه الكرامة جماعية كانت (فئة أو ثقافة أو دين) أو فردية (مثل عرض صورة شخص دون إذنه) إن هذا يقتضي استعمال وسائل قانونية سليمة للحصول على المعلومات، بحيث لا يجوز استعمال أساليب الخداع أو التوريط أو الابتزاز أو التلاعب بالأشخاص (مثل التسجيل أو التصوير غير القانوني).
3- النزاهة: وتعني تقديم الخبر والصور بنوع من الحياد ،وتجنب الخلط بين الأمور مثل الخلط بين الخبر والتعليق أو الإشهار وبين الصالح العام والصالح الخاص (الاعتبارات الذاتية)، كما تفيد النزاهة التجرد من الهوى والاستقلالية في العمل وعم الخضوع لأي تأثير أو رقابة داخلية(المنشأة) كانت أم خارجية (الجمهور) والضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بجميع أشكالها.
4- المسؤولية: أي أنه يجب على الإعلامي أن يتحمل مسؤولية الصحة من أخباره بمعنى أنه لا يجوز نقل أي خبر دون التحقق منه والتحري بشأنه والتزام الدقة في معالجته والحذر في نشره.
5- العدالة : وتفيد بأن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات كما هم متساوون أمام وسائل الإعلام ، ومن هنا تأتي ضرورة الحرص على أن لا تكون هذه الوسائل تعبيراً عن فئة أو ثقافة أو جهة دون أخرى، وأن العدالة تقتضي توخي الحكمة في عرض الأخبار والصور والابتعاد ما أمكن عن أساليب المبالغة والتهويل والإثارة الرخيصة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *