الإعلام الحربي في زمن التغيير!!
في الحروب العسكرية تتعدد الأدوات. ليس أن تكون هذه الأدوات حربية فقط. ولكنها نفسية وإعلامية تعتمد على صناعة الخبر وتسويق المعلومة واختلاق الحدث وإخراجه في صورة تعمل على ترجيح كفة المواجهة إلى طريق مغاير يتم استخدامه كمنفذ داعم لاستراتيجيات المعارك على الأرض من جهة ومن الجهة الأخرى تضخيم الذات ومحاولة نشر الاحباط بأوراق الانتصارات الوهمية.
القصة هنا ليست جديدة بل انها من المرتكزات الأساسية التي تعتمدها كثير من المؤسسات في إعلامها الحربي بل من المناهج العسكرية التي يتم تدريسها في دول مثل بريطانيا التي أخذت منذ زمن بعيد على تطوير وتدريس مادة الإعلام الحربي في أكاديمياتها المتخصصة كما هو الحال في (Sandhurst College) التي تستقبل العديد من الطلاب من مختلف دول العالم للتأهيل العسكري.
كما تعتبر إيران واحدة من الدول ذات المدرسة الخاصة في شكل مختلف بعد العراق أثناء عهد صدام حسين.. حيث اعتمد البلدان على مناهج تجمع ما بين القوميات والجغرافيا والمذهبية وهي عقيدة مازال يتم العمل على تكريسها في هذه المرحلة.. ولن تتوقف في الاستخدام بكل الوسائل. وذلك بعد تطور ثقافاتها المناهضة لبعضها في صورة لم يسبق لها مثيل.
ورغم الدور الذي لعبه الإعلام في أبرز الحروب خاصة في العالميتين الأولى والثانية وفق خطط متفقة مع معطيات تلك المرحلة إلا أنها وبعد الثورة الأخيرة في تقنية الاتصال قد واجهت لوناً من الصدمة الكبرى في إدارة المعارك الإعلامية في الفترة الأخيرة. وذلك لأسباب متعددة من فضاء مفتوح وسرعة نقل للمعلومة والأهم من هذا وذاك امتلاك كل فرد من القوى المتصارعة لكل أشكالها وتركيباتها وسائل اتصال مباشر من خلال الهواتف النقالة التي تستخدم أكثر من منفذ وبرامج أكثر تأثيراً في نقل وتعميم المعلومة وهو دورها خارج نطاق الإعلام الحربي في عالم اليوم.. بل ومشكلة تتطلب تغيير المنهج ومسايرة الواقع برؤية مختلفة عن تلك التقليدية في العلوم العسكرية لهذا الجانب.
ما دعاني إلى طرح هذا الموضوع هو ما تقوم به مليشيا الحوثي والمخلوع صالح من دور في ممارسة إعلامها الحربي الذي أخذ على عاتقه استغلال الداخل اليمني من منظور عدم معرفة افراده بالحقائق وعزلهم عن العالم. هذا بالاضافة إلى الاستعانة بفريق إيراني مدرب على معلومات التسطيح التي لا يستخدمها في أوقات الحروب فقط. ولكنها من الوسائل المستخدمة في كل الجوانب ذات الصلة بمفاصل سياسة الدولة وفرض انعكاساتها على المجتمع في الداخل والترويج لأصدائها في الخارج برسم وهم الانتصار!!
وهو منهج تطبقه أيضا في سوريا من بداية الأزمة من نفس المصدر وبنفس المنهج.
وفي الحرب مع التمرد في اليمن قام خبراء إيرانيون باستغلال التقنية وتدريب عناصر يمنية على تطبيقها وذلك باستخدام وتركيب مقاطع الصور “الفيلمية” أو الفوتوغرافية وتوظيفها لمشهد محدد وجديد على خلفيات صوتية مع شحن المادة بكتابة النص وتحريف المعلومة وتطويعها لصالح المادة المذاعة أو المنشورة.
وهنا ومن خلال هذه الممارسة التي تتم ضد قوات التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن فإننا بحاجة إلى رؤية أكثر تأثيراً في نقل الصورة الصحيحة من جانب الدول المشاركة بما فيها المملكة التي تقود هذه القوة وذلك للعمل على تحديث كل المستجدات. وذلك لأننا نسمع ما بين الحين والآخر ما هو مغاير لمعلومات غير مكتملة التوضيح وغير متسارعة التحديث. هذا بالاضافة إلى ما يرد من معلومات بصفة اجتهادية من خلال قنوات التواصل من أفراد ومواطنين على حدود المملكة الجنوبية وذلك في ظل مواجهات وتسلل ومقذوفات قائمة على الترويج لها وزعم مكاسبها بين الحين والآخر وذلك في الوقت الذي لا تهتم جهات الإعلام الحربي بما يصدر على اعتبار أنها لا تستحق الرد والاهتمام.. لكنني اعتقد أن ذلك يستحق الاهتمام إذا ما نظرنا إلى شرائح المجتمع المتلقي وتأثير المعلومة. واثق من أن العسكري المتميز والمثقف الرائع العميد أحمد حسن عسيري مستشار سمو وزير الدفاع والمتحدث الرسمي باسم قوات التحالف، أكثر حرصاً على هذا الجانب في إدارة الحرب الإعلامية أمام الترويج للاشاعة إلى نقل الصورة الحقيقية بصفة مستمرة لقطع الطريق أمام أولئك الذين يراهنون على أكاذيب وأوهام الانتصار في زمن تغيير موازين القوى والمعادلة في كل عناصر المواجهة.
Twitter:@NasserAL_Seheri
التصنيف: