[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الحميد سعيد الدرهلي[/COLOR][/ALIGN]

كل الحقائق تؤكد أننا أمة قد ينحسر مجدها، وقد تتعثر خطوات تقدمها امام جحافل الهجمات على ثقافتها، وامام تقاعس شعوبها وهيمنة حكامها، تكبو انما لاتسقط، تتابطأ انما تظل بهامة مرفوعة قائمة على ساقين ثابتتين، لأننا أمة لها تاريخ عريق يشفع لها الزلات، تتميز بثقافة ذات ثوابت لاتحيد عنها ولاتستبدلها، هي بمثابة القواعد التي تحفظ على الانسان انسانيته، وتحفظ عليه كرامته وحقوقه ، وتصبغه بالسمت الاصيل الذي يميزه وينهض به وبحضارته.
والاسرة تلك اللبنة الاساس في جسم المجتمع ، صلاحها من صلاحه، وخلاصها يسجل لمكتسباته، هي اساس التشكيلة الاجتماعية ، تبدأ نهضة الامم منها وتنتهي اليها، وقد منحنا الله تعالى في حكم شريعته قيما اصيلة تتحوط حياتنا وتنعكس على ثقافتنا وممارساتنا، غلافنا الواقي ضد امراض المجتمعات الغربية، هي ليست فقط الواقي الامين، بل هي الحصن الصامد الذي لا تخترقه اعتى الاسلحة الفتاكة، فالاسرة هي المحصن الرئيس لتشكيل الشخصية المتوازنة من خلال توريث القيم وتثبيتها في النفس والعقل والوجدان.
انها قواعد الاصالة التي لاتحفظ على الانسان انسانيته ،وثبت في نفسيته العفية وتشكيلتها العادلة ، تمنحه القوت والأمل والنجاة، وتعكس صورة حضارته ، فالحضارة الانسانية للشعوب تقاس بقيمه الاصيلة الحافظة، تلك الثوابت التي تميزها بالمحددات الانسانية والثقافية التي تشكل هويتها.
فالاسرة في القانون الاسلامي ، تلك المؤسسة التي تحيطها ملامح القداسة لأهمية دورها وفاعليته، فعلاقة الزوج بزوجه علاقة محكومة بقواعد لها قانونيتها المصونة اجتماعيا ورسميا، وأمنها هو امن المجتمع ، ومثلها في ذلك علاقة الابوين بالابناء، وعلاقة الابناء بالابوين والتي ربط الخالق عز وجل هذه العلاقة بالايمان والخشوع والخلوص في العبارات ، حيث اقترن الايمان بالاحسان الى الوالدين في معظم آيات الايمان ، كما ربط الخالق فرصة العبور الى الجنة واتخاذ افضل مواقعها للابوين اللذين ينشئان ابناءهما على اسس خلقية ونفسية وذهنية وروحية صحيحة، هو تأكيد حي لما لهذه العلاقة من قوة انسانية ومتانة بنائية مهمة في جسم المجتمع ومسؤولياتها تجاه الانسان ذاته، ذلك المخلوق الذي اخضعت خلائق الدنيا ومخلوقاتها لمصالحه.
وإن تاهت مناهج هذه الأمة قليلا من قواعدها، فهناك دوما خير ينمو في مكان ما وبشكل ما مهمته ان يعيد لهذه الأمة تصويب مسارها وتأكيد هويتها واعادتها الى مرجعيتها الاصيلة وقواعدها الثابتة، وهو ذلك التأكيد الذي اشار اليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في معظم خطاباته بما يمتلكه من رؤية مستقبلية صائبة لواقع المملكة العربية السعودية وشعبها الأبي، وما يتعلق بخطط اصلاحاته وهو الاعلم بمدى الحاجة الى تفعيل القيم التي يجب أن تبدأ من الأسرة، لأن الاصلاح في هذه المرحلة من التغيير يتطلب الاعتماد على منظومة القيم الدالة على السلوك والممارسات وفق المنظور الاسلامي حفظاً للمؤسسات ورعاية لصالح العباد.وفي النهاية، فلا صلاح منهج حياة واع لايقوم به إلا صاحب عقل متزن لينشد من خلاله التطوير والتحديث للأفضل والاحسن.وخير الاصلاح ذلك الذي تتلاقى فيه كل الجهود ويشمل كل النواحي بما فيها النفسية والانسانية ومحتواها من القيم.
مدير عام وزارة التخطيط / متقاعد
فاكس : 6658393

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *