الإشراف التربوي ليس عصا
خالد بن هزاع الشريف
الإرشاد الطلابي مفصل مهم في منظومة التربية والتعليم .. بل العمود الفقري لها إذا نظرنا للجانب التربوي الذي يفترض أنه الأشمل والموازي للمنهج..بل هو الأساس في ثمار التعليم علما وخلقا .
ولكن هل الإشراف التربوي يسير وفق ما هو منتظر منه تجاه ملايين الطلاب والطالبات ؟ أرى هذا السؤال كبير ومتشعب عن قضية كبيرة لا تخلو من تحديات .. ومع ذلك فإن تقييم الإشراف التربوي نجاحا أو فشلا أو معوقات ..ليس محل اتفاق في النتيجة حتى أهل الإشراف التربوي أنفسهم لا يستطيعون الجزم بأن كل شيء عشرة على عشرة.. وأهل مكة أدرى بشعابها .
الإرشاد الطلابي لا ينجح كوظيفة روتينية أو مجرد مرجع للشكوى بين الطلاب أو عصا للترهيب والتأديب .. وأبسط الأمور البديهية أيضا أن يتحلى المرشد والمرشدة بالصفات التي تجعلهم قدوة حقيقية من كافة النواحي في هذا التخصص العملي .. فهل تتوفر الصفات وكل عوامل النجاح في منظومة الإشراف التربوي على أرض الواقع وليس بنودا على الورق ؟ وعلى أي أساس يتم اختيار المرشد والمرشدة ..والتقييم والمتابعة المستمرة برؤية تربوية.
حتى ينجح الإرشاد في مهامه لابد وأن تتوفر شروطه وأساليب مبدعة في عمله .. وأن تتفهم إدارة المدرسة دقة دور المرشد الطلابي.. وتساعده على العمل السليم دون الانتظار إلى أن تستفحل مشكلات الطالب والطالبة .. ويحتاج إلى تعاون وثيق وتكامل من المعلمين والمعلمات.
من المؤكد لا تخفى علينا أخلاقيات وسلوكيات سلبية لطلاب في مراحل عمرية مختلفة ، مما يخبرنا وبسهولة عن مستوى انضباط الأخلاق العامة لدى بعض الشباب في أماكن عديدة مثل الأسواق والحياة اليومية ، بل لا يخفى علينا تدني مستوى الهزر والمزاح والسب بين الطلاب حتى خلف أسوار المدرسة وداخل الفصل .. ألا يستحق هذا رصدا وتحركا من المدرسة وتنسيق أكبر مع أولياء الأمور خاصة ما يتعلق بالعنف بين الطلاب أو من بعضهم تجاه المعلمين ، ولعلنا سمعنا عن حوافز اعتداء وترصد لكن الأصعب أن يصبح ولي أمر الطالب شريكا مع ابنه في مثل تلك التصرفات عندما يبرر له أخطاءه .
إن الطلاب وفي مراحل عمرية مختلفة يعكسون السياق العام لما هو سائد في المجتمع .. وأول ما يعكسه هو تراجع دور الأسرة في البناء الصحيح لأبنائها .. وكذا غياب تأثير المجتمع بعد أن كان مراقبا ورادعا ومقوما .. ولهذا لا نستغرب تفشي الانفلات في سلوكيات الكثير من الطلاب ومن ذلك ارتفاع معدلات التدخين وحالات الإدمان والعنف.
أليس هؤلاء هم جيل المستقبل ؟ إنها سنة الحياة وعجلة الزمن التي تدور لتأخذ الأجيال دورها ، ولكن كما تقول الحكمة :\”من شب على شيء شاب عليه\” ، وإذا لم تنتبه المؤسسات القائمة على التنشأة لكل ذلك فإن النتيجة ستكون سلبية ..حيث يصبح العنف والاعتداء والانحراف ثقافة عامة معتادة في الحياة .. وها نحن نقرأ ونسمع في السنوات الأخيرة عن جرائم قتل واعتداءات في نطاق الأرحام وبين الجيران .. وشيوع ثقافة الأنانية مع طغيان المادة وعلو ِشأنها على القيم .. وتفشي النفاق والطفيلية والنفعية والشللية في العمل مما يفتح أبوابا للفساد .
كل هذا يعكس تصاعدا في مؤشر التراجع الأخلاقي لا تتحمل المدرسة وحدها الدور في علاجه .. وهذا التراجع وإن كان تشكو منه مجتمعات العالم ، إلا أنه يدعونا لوقفة واستنهاض الهمم من الجميع للبناء النفسي والعقلي..والإرادة الكفيلة بمواجهة التغيير الهائل الذي تحدثه ثورة الإنترنت والفضائيات والاتصالات وتداعيات كل ذلك من نتائج تقع على عاتق الأجهزة الأمنية وحدها في مواجهة ما يحدث أو ما يستجد من انحرافات وجرائم ، وهذا لا يكفي إذا ما استمرت حالة السلبية العامة التي لاتنسحب على الإرشاد التربوي الذي بدأت به.. بقدر ما هي مسئولية جماعية لكل من يهمه أمر أجيالنا ومستقبلهم.
نقطة نظام
((إذا ظلمت من دونك .. فلا تأمن عقاب من فوقك))
التصنيف: