الإسكان.. تعب الجيوب والقلوب !!

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. علي عثمان مليباري[/COLOR][/ALIGN]
القائمون على منتدى جدة الاقتصادي أحسنوا باختيارهم «الإسكان والنمو السكاني» عنوانًا وموضوعًا لنسخته الحالية 2013، والتي رعى افتتاحها وفعالياتها سمو الأمير خالد الفيصل، وتأكيده مجددًا على أن الموضوعات التي تهم المواطنين هي الشغل الشاغل لقيادة وطننا الذي يستحق أن يكون في مقدمة الأوطان.
الحقيقة أن الحاجة إلى الإسكان قضية متجددة في كل أنحاء العالم، فامتلاك مسكن يسهم في تحقيق الأمن الاقتصادي للأسرة، ويرحمها من إيجارات متصاعدة إلى جانب تضخم في تكلفة المعيشة لايتوقف. والمسكن التمليك لايزال حلمًا لشرائح واسعة من الموظفين والمتقاعدين، وأصحاب مشاريع صغيرة جدًا توفر لهم بالكاد لقمة العيش ، فما بالنا بمحدوي الدخل. ولذلك برغم أهمية المنتدى والمؤتمرات والندوات وتصريحات المسؤولين واحاديث مجالس الطبقة المخملية وتفصيل حساباتها ، إلا أن القضية لا تبدأ ولا تنتهي بأفكار وتوصيات استرشادية، إنما على أرض الواقع الذي يتحدث بحقائق لا ينكرها أحد، ولا يقلل من وطأتها إلا من لا يشعر بمعاناة المستأجرين وآمالهم، وكما قال الشاعر:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده …
ولا الصبابة إلا من يعانيها
ومع الفارق الكبير بين تعب القلوب وتعب الجيوب، إلا أنهما يمثلان حال المواطن الذي يتمنى أن تتوفر له سبل امتلاك مسكن لم تعد الأجيال الشابة تشترطه فسيحًا ولا مستقلاً، وإنما (على قدر غطاهم ) في ظل التكلفة الباهظة، والانتظار الطويل في قائمة الصندوق العقاري، وجمود السوق لسنوات وعقود. والحديث عن الماضي لا يفيد إلا بقدر دروسه وتأثيره من آثار تشريعات تقادمت، ونقص في الأراضي واحتكارها بـ (التبييض) وانسداد شرايين التمويل العقاري الخاص وجشع شروطه، وها هي الانفراجة المهمة قد حدثت ولله الحمد بصدور (أنظمة الرهن العقاري والتمويل وتنفيذ الأحكام) وزيادة قيمة قروض الصندوق العقاري، والانطلاقة الكبرى لمشاريع الإسكان التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، بتمويل قدره 250 مليار ريال، لبناء 500 ألف وحدة سكنية بالمناطق بشكل مرحلي، وقد دخل المشروع حيز التنفيذ، وتسلمت وزارة الاسكان الأراضي المطلوبة كاملة.
لكن نخشى أن تطول مجددًا فترة استعداد القطاع الخاص انتظارًا وترقبًا لتأثير مشاريع الوزارة على السوق والأرباح، خاصة وأن الأرقام تفيد بأن الفجوة بين العرض والطلب حاليًا هي في حدود 800 ألف وحدة سكنية، فيما أشارت تقديرات خطة التنمية الخمسية التاسعة إلى أن عدد الوحدات السكنية المطلوبة يبلغ 1.25 مليون وحدة، بمعدل 250 ألف وحدة سنويًا.
إن وزارة الإسكان وقد توفرت لها الإمكانات وبدأت خطوة مهمة، أمامها تحديات كبيرة تجاه استراتيجية الإسكان المنتظرة، ودقة مواعيد ومواصفات المشاريع، وتعاون الوزارات المعنية معها بشأن الأراضي وأسواق مواد البناء، وقطاع التمويل واستعدادات شركات التطوير، وإمكانات شركات المقاولات المحلية ومشكلات العقود من الباطن، وكلها عناصر مؤثرة خلال تنفيذ المشاريع تحتاج لشفافية عالية واستمرارية أوجزها التوجيه السامي الكريم إلى معالي وزير الإسكان بجملة مفيدة بليغة «اختر الناس اللي فيهم فائدة» وهذا مفتاح النجاح بعد عون الله وتوفيقه.
كاتب وباحث أكاديمي
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *